تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأمر فى ملابس النساء مرجعه إلى تقاليد المجتمع وعاداته؟ ففى البخارى "عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل. لما أنزل الله "وليضربن بخُمُرِهنّ على جيوبهن" شققن مُرُوطَهنّ فاختمرن بها". فمن الواضح أن تقاليد المجتمع العربى آنذاك لم تكن تغطية المرأة صدرها كما هو واضح من الحديث. فما قوله فى ذلك؟

ثم كيف ينكر أن يكون فى السنة أمر بالحجاب، بمعنى تغطية جسم المرأة ما عدا الوجه والكفين، وفى أحاديث الرسول: "إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها وكفَّيْها"، وفى حديث آخر "عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يُرَى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه"، وفى حديث ثالث "عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تُقْبَل صلاة الحائض (أى الفتاة التى بلغت المحيض) إلا بخِمَار"، وفى حديث رابع: " قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها "، وفى حديث خامس "عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البُخْت المائلة. لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليُوجَد من مسيرة كذا وكذا"؟

أما القول بأن القرآن إنما أمر النساء بتغطية الصدور حتى لا يدخلها التراب ولا تسفعها الشمس فهو كلام مضحك، إذ التراب سوف يدخل من أية فتحة فى الملابس. وبالمثل لا يقتصر سفع الشمس على الصدور، بل هناك الوجوه والأيدى أيضا. ثم لو كان هذا هو السبب لكان قد أمر الرجال أيضا بذلك. أم ترى الإسلام لا يبالى بتغبير أجسام الجنس الخشن وتلويح الشمس لها؟ وهل التراب والشمس لا يهددان المرأة إلا فى حضور الرجال؟ وهل التراب والشمس لا يهددان المرأة إلا حين تبلغ المحيض؟ ذلك أن الرسول قد حدد الوقت الذى يجب على المرأة تغطية نفسها، ألا وهو وقت بلوغ المحيض كما رأينا فى الحديث الشريف. كما ربط القرآن بين تلك التغطية وبين وجودهن فى حضرة الرجال حسبما تقول بقية الآية. ثم لماذا نهى القرآن الرجل عن النظر إلى النساء، ونهاهن عن النظر إليه، إذا كانت المسألة مسألة أتربة وأشعّة شمسية؟ "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ ... " (النور/ 30 - 31).

كذلك فالقرآن الكريم واضح تماما فى الربط بين ضرب النساء الخمار على جيوبهن، أى أطواق جلابيبهن، وبين إخفاء الزينة، وليس بين ضرب الخمر على الجيوب وبين الوقاية من التراب والشمس: "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (النور/ 31). ويرتبط بهذا، كما سبق بيانه، أن الآية السابقة على هذه تأمر الرجال بغض البصر، بما يدل على أن تغطية الشعر والصدر هنا مسألة أخلاقية لا صحية كما يردد المؤلف على غير أساس.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير