ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[31 Dec 2007, 08:24 م]ـ
التفسير أول العلوم ظهورا في الفكر الإسلامي، وأول الكتابات العربية بدأت بتفسير القرآن الكريم، خاصة تفسير مفرداته وغريبه.
والمشتغلون به لم يكونوا في حاجة إلى قواعد لقربهم من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولمشاهدتهم نزول الوحي وأسباب النزول ... ولسلامة لسانهم وسليقتهم اللغوية .. والقرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين.
لكن بعد أن انقلبت العلوم صناعة، وكثرت المسائل والنوازل، ودخل في الدين أقوام جدد عرب وعجم، ... وظهر الاختلاف في الفقه والفهم للدين بين المذاهب الإسلامية.
أصبحت الحاجة ماسة لقواعد الفهم عن الله تعالى، حتى قال أحد السلف الصالح من أهل الحديث: لا زال أهل الرأي يلعنونا ونلعنهم حتى جاء الشافعي وجمع بيننا. في إشارة إلى كتاب "الرسالة" أول كتاب في أصول الفقه.
وفعلا استطاع الإمام الشافعي أن يضع قواعد استنباط وتشريع الأحكام الفقهية من النصوص الشرعية. وأهم ما في الرسالة هو مبحث الدلالة الذي يضع قواعد فهم النصوص.
للأسف أن الأصوليون اقتصروا على ما تعلق باستنباط الأحكام الفقهية، من غير ما يتعلق بأمور الأخلاق والمقاصد وغيرها.
وكتاب الله تعالى كتاب هداية شاملة لأمور الحياة كلها وليس فقط ما يتعلق بالأحكام العملية في العبادات والمعاملات.
ولهذا تجد في تفاسير الفقهاء أو ما يسمى بالتفسير الفقهي بسط وتدقيق في آيات الأحكام غاية في الدقة ... لماذا؟ لأن الأصوليون مدوا الفقيه بكل أدوات الاستنباط الفقهي .... قواعد ومناهج.
وعلماء الكلام قدموا قواعد في فهم آيات الأسماء والصفات وفي الاستدلال والاستنباط العقدي .. وتجد ذلك واضحا في التفاسير العقدية، مثل تفسير الرازي وغيره. وتقسيم المتكلمين لمبحث الدلالة في أصول الفقه هو الغالب.
وعلماء العربية أو اللغويين قدموا قواعد لغوية معينة في تحليل وتفكيك النص القرآني، واستطاعوا إظهار إعجاز نظم القرآني وبلاغته، واهتموا بالنحو وإعراب القرآن، متسلحين بما قدمه اللغويون والنحاة ... فأنتجوا اتجاها تفسيريا هو التفسير اللغوي، ورائده أبو حيان في البحر المحيط.
والمحدثين أبدعوا في التفسير بالرواية والنقل الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، مستفيدين مما قدمه علم الحديث في دراسة الحديث: سندا ومثنا، رواية ودراية.
وهكذا نرى أن أصحاب الاتجاهات التفسيرية استطاعوا أن يبدعوا في مجال التفسير، بعد أن تسلحوا بعلوم أخرى نمت ونضجت في حقول معرفية مختلفة، وبقي التفسير من العلوم التي لم تنضج، ولم يقدم المفسرون قواعد وأصول يحتكم إليها المفسر عند مباشرته للعملية التفسيرية، بمعنى بناء نظري شامل يحدد مصادر وقواعد، التفسير، وشروط المفسر.
وهذا لا يعني أن المفسرين فسروا القرآن الكريم على هواهم، ومن غير قواعد ولا ضوابط، كلا بل كانوا يشتغلون بكل ذلك، لكن لم يؤسسوا قانونا خاصا بهم في مجال التفسير، أما قواعد وأصول التفسير فهي موجودة لكنها متفرقة بين علوم شتى: اللغة، الأصول، علم الكلام، علوم القرآن ... ويبقى دور المشتغلين بالتفسير جمع هذه القواعد في نسق نظري ينظم العلاقة بين مكونات علم التفسير .. على شكل نظرية تعيد صفة العلمية للتفسير.
مثلا في الغرب علم يسمى "الهيرومنطيقا"، ينظر لعملية تأويل النصوص الدينية والأدبية، ويعالج إشكاليات القراءة والتأويل، تجد داخلها مدارس واتجاهات، لكنها استطاعت أن ترتقي بهذه العملية إلى مستوى العلمية، واستطاعت أن تنتج إطارا نظريا يحتكم إليه القارئ للنصوص. هي استفادت في ذلك من علوم شتى، لغوية واجتماعية وغيرها.
ولا يتم ذلك إلا بعد دراسة عميقة للتراث الإسلامي خاصة العلوم التي لها ارتباط بالقرآن الكريم، وهذه الدراسة تشمل مستويات: التحليل والتعليل ثم التركيب العام لعلم التفسير.
هناك محاولات في بناء علم التفسير، لكن لم ترتقي بعد إلى المستوى المطلوب، ولا زالت في البدايات فقط، وكثير منها مجرد حشد لمباحث أصولية ولغوية .. أو على اصطلاح أحد الفضلاء: لم نرتقي بعد من التكديس إلى التأسيس، بمعنى: لم تصل بعد إلى البناء المحكم والمترابط بين مكوناته.
ـ[عبدالغني الكعبوني]ــــــــ[01 Jan 2008, 08:33 م]ـ
[أشكر أخي الكريم محمد البويسفي على هذا التعليق.
لكن ياأخي لايختلف -اثنان ولايتناطح عنزان- بخصوص تمكن الصحابة من اللسان العربي،بالأضافة الى طول باعهم فيه أضف الى ذلك مشاهدتهم نزول الوحى ومعرفتهم أسباب النزول وكل مايتعلق بالقرآن الكريم من قواعد الخ,
وهذا لايعني أنهم كانوا يعرفون كل شيء يخص القرآن الكريم،حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوضح المبهم ويشرح الغامض الخ
لاأدري ما وجه تعليق الأخ
ـ[عبدالغني الكعبوني]ــــــــ[01 Jan 2008, 08:57 م]ـ
وأشكر الأخ على هذاالتعليق
ـ[عبدالغني الكعبوني]ــــــــ[01 Jan 2008, 09:01 م]ـ
كما أشاطر الأخ على أن الصحابة ليسوافي حاجة الى تعلم القواعد قصد تفسير القرآن،وهذا لايعني أن كل الصحابة يحسن تفسير كلام الله,
والله من وراء القصد