فقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا}، أيْ أعْرضوا مع هذا البيان الواضح بوصْف الرسول ?، وهذا التفاتٌ مِن الخطابِ إلى الغيْبَةِ؛لأنّ التَّولِّي مع هذا البيانِ مَكْروه، ولِهذا لمْ يُخاطَبوا بهِ فَلَمْ يَقُلْ: فإنْ تولَّيتم ".
الصورة الثالثة: الالتفاتُ مِن الغيْبَةِ إلى التَّكَلُّم
مثاله:
- في قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (البقرة: من الآية285)
فقوله تعالى: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}، هنا التفات من الغيْبَةِ إلى التكلّم؛ ومُقْتضَى السياقِ لو كانَ على نَهْجٍ واحد لقالَ: " لا يُفرِّقونَ بين أحدٍ مِن رُسُلِه "؛ ولكنه تعالى قالَ: {لا نُفَرِّقُ}، وفائدةُ الالتفاتِ هي التنبيه؛ لأنّ الكلام إذا كان على نسَقٍ واحد فإنّ الإنسان ينسجم معه، وربّما يغيب فِكْره؛ وأمّا إذا جاء الالتفات فكأنّه يقْرَع الذهن يقول: انتبه!
الصورة الرابعة: الالتفاتُ مِن التَّكَلُّمِ إلى الغيْبَة
مثاله:
- في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (البقرة:159) وفي هذه الآية التفات من التكلّم إلى الغيْبَة في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} وقوله تعالى: {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ} ولمْ يقل: " ونلعنهم "؛ وللالتفاتِ فائدتان:
الأولى: تنبيهُ المخاطَبِ، لأنّه إذا تغيّر نسَقُ الكلام أوْجَدَ أنْ ينتبهَ المخاطَبُ لما حَصَلَ مِن التغيير.
الفائدة الثانية: تكونُ بحسب السياق: ففي هذه الآية {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ} الفائدةُ التعظيم؛ لأنّ قوله {يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ} أبْلغُ في التعظيمِ مِن: " أولئك نلعنهم "؛ لأنّ المتكلِّم إذا تحدّث عن نفسهِ بصيغةِ الغائبِ صَارَ أشَدَّ هيبةً، مثل قَولِ الملِك: إنّ الملِك يأْمركم بكذا، وكذا؛ وأمَرَ الملِكُ بكذا، وكذا - يعني نفْسه.
الصورة الخامسة: الالتفاتُ مِن التكلّمِ إلى الخطاب) انظر مثالها في: الإتقان في علوم القرآن (2/ 902).
الصورة السادسة: الالتفاتُ مِن الخطابِ إلى التكلّم , قال السيوطيُّ:" الالتفاتُ مِن الخطابِ إلى التكلّمِ لمْ يقعْ في القرآن.
الصورة السابعة: الالتفاتُ مِن الإضْمار إلى الإظْهار
مثاله:
في قوله تعالى {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} (البقرة:98)
هنا أَظْهَرَ في مَوْضِعِ الإضْمَارِ أي قالَ: {عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} ولمْ يقل: عدوٌّ لهم: لِفائدتين؛إحداهما: لفْظيّة، والثانية: معنويّة؛ أمّا الفائدةُ اللفظيّة: فمناسبةُ رؤوسِ الآي؛ وأمّا الفائدةُ المعنويّة فهي تَتَضَمَّنُ ثلاثةَ أمور:
الأول: الحكْم على أنّ مَنْ كانَ عدوًا للهِ ومَنْ ذُكر، بأنّه يكونُ كافرًا؛ يعني: الحكمُ على هؤلاءِ بالكُفْر.
الثاني: أنّ كُلَّ كافرٍ سواء كانَ سببُ كُفْرِه مُعَادَاةَ الله، أوْ لا، فاللهُ عَدُوٌّ له.
الثالث: بيانُ العِلَّةِ وهي في هذهِ الآيةِ الكُفْر.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[28 Mar 2005, 01:43 م]ـ
هناك كتاب جيد اسمه الالتفات في حاشية الشهاب الخفاجي اظهر مؤلفه فيه بعض الاسرار البلاغية للايات الشريفة
وينظر في كتاب الخصائص لابن جني الذي سمى الالتفات بشجاعة العربية
ـ[أبو طلال العنزي]ــــــــ[30 May 2006, 12:37 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هلا تفضلت بالتعريف بهذا الكتاب، ومؤلفه، وناشره، وأين أجده؟ وما حاشية الشهاب الخفاجي؟