فبمعرفته يحصل حل إشكالات وكشف معضلات.ومن ذلك إشكال نسبة الإشراك لآدم وحواء في قوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الأعراف 189ـ190). فبمعرفة أن قصة آدم وحواء تنتهي بقوله تعالى (جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا) وأن ما بعده وهي قوله تعالى (فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) تخلص إلى قصة العرب وإشراكهم الإصنام،ويدل على ذلك تغيير الضمير إلى الجمع بعد التثنية.ولو كانت القصة واحدة لقال (عما يشركان).
وحسن التخلص والاستطراد من أساليب القرآن.
أخرج عبدالرزاق عن السدي قوله في قوله تعالى (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الأعراف:190) قال: " هذا من الموصول المفصول.
وأخرج ابن أبي حاتم نحوه عن أبي مالك.
كما أن هذا النوع أصل كبير في الوقف.
وقد عد الزركشي هذا النوع من مناسبات الآيات بعضها ببعض فتحدث عنه في نوع معرفة المناسبات (البرهان 1/ 50) أما السيوطي فقد جعله نوعا مستقلا وهو النوع التاسع والعشرون " بيان الموصول لفظا المفصول معنى ". وأورد الزركشي والسيوطي عددا من الأمثلة على هذا النوع كما ذكر ابن الجوزي عددا من الأمثلة على هذا النوع في كتابه (النفيس) وهو أحد مصادر السيوطي كما في مقدمته وتصحفت إلى التفسير كما في المطبوع من الاتقان تحقيق أبي الفضل.
ومن الأمثلة قوله تعالى (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) (آل عمران:7)
فقوله والراسخون مفصول عما قبله.حتى لا يتوهم أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله. أخرج ابن أبي حاتم عن أبي الشعثاء وأبي نهيك قالا: إنكم تصلون هذه الآية وهي مقطوعة.
والأمثلة كثيرة ومعرفتها والوقوف عليها مهم. لذا أقترح أن ينبري لجمع هذا الآيات ودراستها تحت هذا النوع أحد الباحثين فإنه كما قال السيوطي " جدير أن يفرد بالتصنيف ".
والله أعلم.
كتب أخي الدكتور ناصر الصائغ هذه المشاركة أول ما انطلق الملتقى عام 2003م.
وقد كتبتْ الأخت خلود العبدلي بعد ذلك رسالتها الماجستير في الموضوع نفسه وطُبعت الرسالة ولله الحمد، فما أسرع الأيام نسأل الله حسن الختام.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[08 Jun 2010, 01:54 ص]ـ
الفضل لمن سبق بالكتابة والتذكير.
*********************
والشكر الجزيل لمن صنف وطبق وكتب.
أقصد الأخت الفاضلة خلود ـ وفقها الله.
**********************
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[08 Jun 2010, 04:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فبمعرفته يحصل حل إشكالات وكشف معضلات.ومن ذلك إشكال نسبة الإشراك لآدم وحواء في قوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الأعراف 189ـ190). فبمعرفة أن قصة آدم وحواء تنتهي بقوله تعالى (جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا) وأن ما بعده وهي قوله تعالى (فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) تخلص إلى قصة العرب وإشراكهم الإصنام،ويدل على ذلك تغيير الضمير إلى الجمع بعد التثنية.ولو كانت القصة واحدة لقال (عما يشركان).
والله أعلم.
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله،
أما بعد:
هذا المثال، لا أراه مناسبا في وجهة نظري للموضوع المطروح، ولا يخفى على المشايخ الكرام ما قاله ابن كثير في تفسيره لهذه الآية فهو كما رأيت في غاية الجودة، أما ما رجحه الطبري في تفسيره فقد جره إلى الترجيح بين القراءات:
فقد قال الطبري:
واختلفت القرأة في قراءة قوله: (شركاء)،
فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة وبعض المكيين والكوفيين: "جَعَلا لَهُ شِرْكًا" بكسر الشين، بمعنى الشَّرِكَة. (1)
* * *
وقرأه بعض المكيين وعامة قرأة الكوفيين وبعض البصريين: (جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ)، بضم الشين، بمعنى جمع "شريك".
* * *
قال أبو جعفر: وهذه القراءة أولى القراءتين بالصواب، لأن القراءة لو صحت بكسر الشين، لوجب أن يكون الكلام: فلما أتاهما صالحًا جعلا لغيره فيه شركًا =لأن آدم وحواء لم يدينا بأن ولدهما من عطية إبليس، ثم يجعلا لله فيه شركًا لتسميتهما إياه ب "عبد الله"، وإنما كانا يدينان لا شك بأن ولدهما من رزق الله وعطيته، ثم سمياه "عبد الحارث"، فجعلا لإبليس فيه شركًا بالاسم.
فلو كانت قراءة من قرأ: "شِرْكًا"، صحيحة، وجب ما قلنا، أن يكون الكلام: جعلا لغيره فيه شركًا. وفي نزول وحي الله بقوله: (جعلا له)، ما يوضح عن أن الصحيح من القراءة: (شُرَكَاء)، بضم الشين على ما بينت قبل. أهـ
* * *
أما في المبسوط في القراءات العشر، لابن مهران فقد ورد ما يلي:
"قرأ أبو جعفر ونافع وعاصم برواية أبي بكر (جعلا له شركاء) منونا بكسر الشين، وقرأ الباقون (شركاء) بضم الشين وفتح الراء، والمد والهمز." أهـ
هذا والله أعلم وأحكم.
¥