تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فهذه الأحاديث وما شابهها حجة من ذهب إلى أنه يحل ما فوق الإزار منها، وهو أحد القولين في مذهب الشافعي رحمه اللّه، الذي رجحه كثير من العراقيين وغيرهم، ومأخذهم أنه حريم الفرج فهو حرام، لئلا يتوصل إلى تعاطي ما حرم اللّه عز وجلّ، الذي أجمع العلماء على تحريمه، وهو المباشرة في الفرج، ثم من فعل ذلك فقد أثم فيستغفر اللّه ويتوب إليه، وهل يلزمه مع ذلك كفارة أم لا؟ فيه قولان، (أحدهما): نعم، لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض، يتصدق بدينار أو نصف دينار. وللإمام أحمد أيضاً عنه أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم جعل في الحائض تصاب ديناراً فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصف دينار، (والقول الثاني): وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعي وقول الجمهور: أنه لا شيء في ذلك، بل يستغفر اللّه عزّ وجلّ، لأنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث، فإنه قد روي مرفوعاً كما تقدم وموقوفاً، وهو الصحيح عند كثير من أئمة الحديث. فقوله تعالى: {ولا تقربوهن حتى يطهرن} تفسير لقوله: {فاعتزلوا النساء في المحيض} ونهى عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجوداً ومفهومه حله إذا انقطع.

وقوله تعالى: {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} فيه ندب وإرشاد إلى غشيانهن بعد الإغتسال، وذهب ابن حزم إلى وجوب الجماع بعد كل حيضة لقوله: {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} وليس له في ذلك مستند لأن هذا أمر بعد الحظر، وقد اتفق العلماء على ان المرأة إذا انقطع حيضها لا تحل حتى تغتسل بالماء أو تتيمم. إن تعذر ذلك عليها بشرطه، إلا أن أبا حنيفة رحمه الّله يقول فيما إذا انقطع دمها لأكثر الحيض هو عشرة ايام عنده إنها تحل بمجرد الإنقطاع، ولا تفتقر إلى غسل واللّه أعلم. وقال ابن عباس: {حتى يطهرن} أي من الدم {فإذا تطهرن} أي بالماء، وكذا قال مجاهد وعكرمة.

وقوله تعالى: {من حيث أمركم الله} قال ابن عباس: في الفرج ولا تَعَدَّوه إلى غيره، فمن فعل شيئاً من ذلك فقد اعتدى، وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة: {من حيث أمركم اللّه} أي ان تعتزلوهن، وفيه دلالة حينئذ على تحريم الوطء في الدبر كما سياتي قريباً إن شاء اللّه، وقال الضحاك: {فأتوهن من حيث أمركم اللّه} يعني طاهرات غير حيّض، ولهذا قال: {إن الله يحب التوابين} أي من الذنب وإن تكرر غشيانه، {ويحب المتطهرين} أي المتنزهين عن الأقذار والأذى، وهو ما نهوا عنه من إتيان الحائض أو في غير المأتى.

وقوله تعالى {نساؤكم حرث لكم} قال ابن عباس: الحرث موضع الولد، {فأتوا حرثكم أنى شئتم} أي كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد، كما ثبتت بذلك الأحاديث. قال البخاي: عن جابر قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت: {نساؤكم حرث لكم فأتو حرثكم أنى شئتم} وعن جابر بن عبد اللّه أن اليهود قالوا للمسلمين من أتى امرأة وهي مدبرة جاء الولد أحول فأنزل اللّه: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج" (رواه مسلم وأبو داود) وعن ابن عباس قال: أُنزلت هذه الآية {نساؤكم حرث لكم} في أناس من الأنصار، أتو النبي صلى اللّه عليه وسلم فسألوه، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "ائتها على كل حال إذا كان في الفرج" (رواه أحمد)

قال الإمام أحمد: عن عبد اللّه بن سابط قال: دخلتُ على (حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر) فقلت: إني لسائلك عن أمر وأنا أستحي أن أسألك قالت: فلا تستحي يا ابن أخي، قال: عن إتيان النساء في أدبارهن، قالت: حدثتني أم سلمة أن الأنصار كانوا يُحْبُون النساء وكانت اليهود تقول: إنه من أحبى امرأته كان ولده أحول، فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصار، فأَحْبَوْهن فأبت امرأة أن تطيع زوجها وقالت: لن تفعل ذلك حتى آتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فدخلت على أم سلمة فذكرت لها ذلك فقالت: اجلسي حتى يأتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلما جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم استحت الأنصارية أن تسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فخرجت فسألته أم سلمة فقال: ادعي "الأنصارية" فدعتها، فتلا عليها هذه الآية {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} "صماماً واحداً" (رواه أحمد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير