10 ــــ ومن فوائد الآية: أنه لو صام عن أيام الصيف أيام الشتاء فإنه يجزئ؛ لقوله تعالى: {فعدة من أيام أخر وجهه: أن {أيام} نكرة.
11 ــــ ومنها: حكمة الله سبحانه وتعالى في التدرج بالتشريع، حيث كان الصيام أول الأمر يخير فيه الإنسان بين أن يصوم، ويطعم؛ ثم تعين الصيام كما يدل على ذلك حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.
12 ــــ ومنها: أن من عجز عن الصيام عجزاً لا يرجى زواله فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً؛ ووجه الدلالة أن الله سبحانه وتعالى جعل الإطعام عديلاً للصيام حين التخيير بينهما؛ فإذا تعذر الصيام وجب عديله؛ ولهذا ذكر ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه الآية في الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يطيقان الصيام، فيطعمان عن كل يوم مسكيناً (1).
13 ــــ ومنها: أنه يرجع في الإطعام في كيفيته ونوعه إلى العرف؛ لأن الله تعالى أطلق ذلك؛ والحكم المطلق إذا لم يكن له حقيقة شرعية يرجع فيه إلى العرف.
14 ــــ ومنها: أنه لا فرق بين أن يملّك الفقير ما يطعمه، أو يجعله غداءً، أو عشاءً؛ لأن الكل إطعام؛ وكان أنس بن مالك حين كبر يطعم أدُماً، وخبزاً (2).
15 ــــ ومنها: أن ظاهر الآية لا يشترط تمليك الفقير ما يطعم؛ وهو القول الراجح؛ وقال بعض أهل العلم: إنه يشترط تمليكه؛ فيعطى مداً من البر؛ أو نصف صاع من غيره؛ وقيل: يعطى نصف صاع من البر، وغيره؛ واستدل القائلون بالفرق بين البر وغيره بما قاله معاوية في زكاة الفطر: «أرى المد من هذه - يعني البر - يعدل مدين من الشعير» (3) فعدل به الناس، وجعلوا الفطرة من البر نصف صاع (4)؛ واستدل القائلون بوجوب نصف صاع من البر، وغيره بحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه حين أذن له النبي صلى الله عليه وسلم بحلق رأسه وهو محرم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له مبيناً المجمل في قوله تعالى: {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} [البقرة: 196]، فقال في الصدقة: «أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع» (5)؛ ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين طعام وآخر.
16 ــــ ومن فوائد الآية: أن طاعة الله ــــ تبارك وتعالى ــــ كلها خير؛ لقوله تعالى: {فمن تطوع خيراً فهو خير له}.
17 ــــ ومنها: ثبوت تفاضل الأعمال؛ لقوله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم}؛ وتفاضل الأعمال يستلزم تفاضل العامل؛ فينبني على ذلك أن الناس يتفاضلون في الأعمال؛ وهو ما دل عليه الكتاب، والسنة، وإجماع السلف، والواقع؛ قال الله تعالى: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلًّا وعد الله الحسنى} [الحديد: 10]، وقال تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضَّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلًّا وعد الله الحسنى وفضَّل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً * درجات منه ومغفرة ورحمة} [النساء: 95، 96]؛ والنصوص في هذا كثيرة.
18 ــــ ومن فوائد الآية: التنبيه على فضل العلم؛ لقوله تعالى: {إن كنتم تعلمون}.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[10 Nov 2003, 01:11 ص]ـ
الآية الثالثة:
"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة:185)
ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره الفوائد المستنبطة من هذه الآية فقال:
1 ــــ من فوائد الآية: بيان الأيام المعدودات التي أبهمها الله عز وجل في الآيات السابقة؛ بأنها شهر رمضان.
2 ــــ ومنها: فضيلة هذا الشهر، حيث إن الله سبحانه وتعالى فرض على عباده صومه.
¥