تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كنت أتطلع إلى سطح الأرض عبر النوافذ , وأنا مسحور بما أرى , كان طريقنا عبر البحر الأحمر والسعودية، عبرنا البحر وصورة الجزر الصغيرة بادية، ثم أوغلنا في صحاري جزيرة العرب جبال ثم رمال، وبين هذا وذاك رأيت واحتين أو ثلاث حيث تبدو خضرة شجيرات وآثار بيوت، وبعد ساعتين ونصف وقبل الغروب حطت الطائرة في مطار بغداد الدولي نزلت وكنت أتطلع إلى كل شيء، ووقفت في الساحة أمام مبنى المطار أتطلع إلى شرفة المستقبلين لعلي أبصر بعض أهلي، كان هناك الأخ سفر وسالم ونوفل وقيس، وبعد أقل من ساعة خرجت من المطار واستقبلت الإخوة أو استقبلوني " بالأحضان "! كان مع الأخ سفر سيارته المخصصة من الشركة حيث كان يقضي عملاً في مقر الشركة صباح يوم الاثنين، ركبت معه كان معنا الأخ سالم , زرنا بيت الخال عبد وبعدها زرنا بيت العم مصطفى، ولم نمكث إلا قليلاً من الوقت، عبرنا بعد ذلك إلى الرصافة وزرنا صباح رشيد شلال في الأعظمية، فإني كنت أحمل له بعض الرسائل , وبعدها تركنا بغداد وقد أطبق ظلام الليل، ولأول مرة أفتح عيني إلى السماء وأرى النجوم، ومن هناك القمر يطل على أهل الأرض، مناظر حُرِمْتُ منها طيلة وجودي في القاهرة، ومع ظلمة الليل فإني كنت أجتهد أن أرى ما كان على جانبي الطريق .. واقتربت السيارة من بيجي ... (1)

تسلم الكتب

السبت 24 آب 1974م = 6 شعبان 1394هـ

سافرت صباح هذا اليوم إلى بغداد، ووصلتها ضحى، وتوجهت إلى مطار بغداد الدولي لكي أتسلم الكتب التي كنت قد شحنتها من القاهرة قبل سفري، ولا أزال أذكر المرارة التي تجرعتها حين أجريت معاملة شحنها من القاهرة وكنت أتوقع أني سأجد ما وجدته هناك، ولكن بحمد الله قد بَرِئَ العراقيون من داء واحد على الأقل وهو (الرشوة) (2)، وتتبعت المعاملة بنفسي حتى النهاية، وتسلمت الكتب والحمد لله، وخرجت عصر هذا اليوم إلى سوق الكتب في بغداد وسألت عن كتاب نشوان الحميري (شمس العلوم) ووجدت النسخة المطبوعة بليدن، وهي في جزأين , واضطررت إلى شرائها باثني عشر ديناراً , وظهر لي أن الكتاب (حتى حرف الشين) مطبوع في القاهرة أيضاً في شركة الحلبي، وفاتني السؤال عنه وأنا في القاهرة ..

مكثت في بغداد يوم الأحد ... وسافرت إلى بيجي يوم الاثنين.

مذكرات شهر آب 1974م

عندما بدأت أفكر في السفر وأنا في القاهرة , كنت أُحَدِّثُ النفس بأني لن أمكث في العراق عند الأهل أكثر من شهرين، وربما مكثت حتى عيد الفطر، ووصلت بحمد الله , وهدأت قليلاً، وبدأت أراجع موقفي من جديد وأقول إني قد أنهيت السنة الدراسية التي لا بد فيها من الحضور إلى الكلية، وكنت طيلة ذلك أنفق اعتماداً على الأهل، وأنا أرى الطلبة في القاهرة أكثرهم ينفقون من رواتبهم، فأكثرهم موظفون مجازون للدراسة، وبدأت ترسخ في ذهني فكرة وهي أني سأعمل على الحصول على وظيفة، والوظيفة لا تحول بيني وبين الدراسة بل ستجعلني أكثر اندفاعاً وقوة، إن شاء الله، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن الأهل لم يتوانوا مرة في إرسال ما أحتاج إليه من الفلوس، والأخ سفر مثال نادر للأخوة الكريمة، ولكن ألا يكفيني ما تَحَّمَلَ الأهل هذه السنة، فقد بلغ مجموع ما تسلمته منهم في رحلتي ما يقرب سبع مئة دينار (3)، والذي رَسَّخَ هذه الفكرة في ذهني أكثر هو أن الأستاذ أحمد خطاب الذي يعمل في كلية الآداب بجامعة الموصل قد ذكر لبعض الإخوة أن هناك احتمالاً بتعييني مساعد باحث في قسم اللغة العربية في الكلية، وبناء على ذلك فإني سوف أسافر عن قريب إلى الموصل لاستطلاع الأمر.

في جامعة الموصل

الاثنين 2 أيلول 1974م = 15 شعبان 1394هـ

التقيت بالأستاذ أحمد خطاب في كلية الآداب الذي ذهب إلى رئيس قسم اللغة العربية، واستفسر منه عن طلب القسم لمساعدي الباحثين، وتبين أن الطلب قد أحيل إلى الجامعة التي أحالته بدورها إلى مجلس الخدمة ببغداد، وعليه فقد وجدت نفسي مضطراً للسفر إلى بغداد، ولكني أجلت السفر إلى ما بعد الجمعة، وعدت عصر اليوم إلى بيجي.

القراءة في كتاب شمس العلوم

الخميس 5 أيلول 1974م = 18 شعبان 1394هـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير