تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هل انحلت العقدة من لسان موسى؟ أم هل ظل، عليه السلام، لا يُبِين؟

ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[27 Mar 2010, 03:06 ص]ـ

هل انحلت العقدة من لسان موسى؟

أم هل ظل، عليه السلام، لا يُبِين؟

د. إبراهيم عوض

أمطرنى أحد الأصدقاء من قرائى، وهو كردى يعبّر ما يكتبه لى فى رسائله عن حبه الشديد لدينه على عكس ما نرى من بعضهم فى العراق حاليا ممن باعوا أنفسهم لأمريكا رغم شيوعيتهم التى كانوا عليها من قبل، أمطرنى هذا الصديق بطائفة من الأسئلة تتعلق بعدد من النصوص القرآنية يريد منى أن أبحثها وأجلى وجه الحق فيها. ومن تلك الأسئلة ما يراه البعض من تعارض ظاهرى بين ما تقوله آيتا سورة "طه" وسورة "الزخرف" عن العقدة التى طلب موسى من ربه أن يحلها من لسانه فحلها سبحانه، لنفاجأ بفرعون يقول عن ذلك النبى الكريم لأهل مصر إنه مَهِين، ولا يكاد يُبِين، بما يمكن أن يكون معناه هو أن العقدة لم تنحل من لسان موسى على عكس ما تقول آية "طه". والآن إلى بحث الآيتين المذكورتين، وهو مجرد اجتهاد منى قد يصيب الحق، وقد يخطئه.

يقول سبحانه وتعالى فى سورة "طه" على لسان موسى حين أمره أن يذهب إلى فرعون ويطلب منه فك أسر الإسرائيليين من العبودية التى كانوا يقاسونها تحت سلطانه فى مصر: "قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) ". وواضح أن الله سبحانه قد استجاب لعبده ونبيه موسى ففك عقدة من لسانه. إلا أننا نقرأ قول الله عز وجل فى سورة "الزخرف"، ولكن على لسان فرعون هذه المرة واصفا موسى عندما أتاه بالبينات وطلب منه إطلاق سراح قومه بنى إسرائيل: "وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52) ". فهل نفهم من هذا أن هناك تناقضا بين النصين الكريمين، إذ نفهم من الأول أنه جل جلاله قد فك عقدة من لسان موسى، على حين يقول فرعون إن موسى لا يكاد يُبِين؟

علينا أولا أن نحاول فهم معنى العقدة التى كانت عند موسى، وأن نتبين معنى فك عقدة من لسانه عليه السلام حسبما قال بالضبط، ثم نحاول أن نصل إلى حل لكلمة "يُبِين" فى كلام فرعون، وعلى أى معنى قال عن نبى الله إنه "لا يكاد يبين". من الواضح أن القرآن لم يوضح نوع العقدة التى اشتكاها موسى إلى ربه، وكل ما هنالك أنه، عليه السلام، رتب على حلها أنهم فى البلاط الفرعونى سوف يفهمون كلامه. إذن هى عقدة تمنع الآخرين من فهم ما يقول، أو على الأقل: من فهمه تماما وبسرعة. فماذا نفعل؟ لقد فكرت فى الاستعانة بنص العهد القديم الموجود فى سفر "الخروج" عن هذا الموضوع، فربما استطاع هذا النص أن يلقى لنا بعض الضوء على خبايا الأمر. وهذا هو النص المذكور: "10فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «اسْتَمِعْ أَيُّهَا السَّيِّدُ، لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلاَمٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ، وَلاَ مِنْ حِينِ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ، بَلْ أَنَا ثَقِيلُ الْفَمِ وَاللِّسَانِ». 11فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «مَنْ صَنَعَ لِلإِنْسَانِ فَمًا؟ أَوْ مَنْ يَصْنَعُ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى؟ أَمَا هُوَ أَنَا الرَّبُّ؟ 12فَالآنَ اذْهَبْ وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَأُعَلِّمُكَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ». 13فَقَالَ: «اسْتَمِعْ أَيُّهَا السَّيِّدُ، أَرْسِلْ بِيَدِ مَنْ تُرْسِلُ». 14فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى مُوسَى وَقَالَ: «أَلَيْسَ هَارُونُ اللاَّوِيُّ أَخَاكَ؟ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ يَتَكَلَّمُ، وَأَيْضًا هَا هُوَ خَارِجٌ لاسْتِقْبَالِكَ. فَحِينَمَا يَرَاكَ يَفْرَحُ بِقَلْبِهِ، 15فَتُكَلِّمُهُ وَتَضَعُ الْكَلِمَاتِ فِي فَمِهِ، وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَمَعَ فَمِهِ، وَأُعْلِمُكُمَا مَاذَا تَصْنَعَانِ. 16وَهُوَ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير