هكذا حلّل بديعُ الزمانِ آيةَ: " إنّا عرضنا الأمانةَ ...... "!؟!
ـ[خلوصي]ــــــــ[20 Apr 2010, 12:22 م]ـ
الكلمة التي كشفتْ عن لغز الكون وطلسمه وحلّت سراً عظيماً من اسرار القرآن الحكيم
الكلمة الثلاثون
حرف من كتاب (أنا) الكبير
نقطة من بحر (الذرة) العظيم
هذه الكلمة عبارة عن مقصدين:
المقصد الاول:
يبحث في ماهية (أنا) ونتائجها.
المقصد الثاني:
يبحث في حركة (الذرة) ووظائفها.
المقصد الاول
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
] إنّا عرضنا الأمانةَ على السموات والأرض والجبال فأبَيْنَ أن يحملْنَهاوأشفَقنَ منها وَحَمَلها الانسانُ إنه كان ظلوماً جهولاً [
من الخزينة العظمى لهذه الآية الجليلة، سنشير إلى جوهرة واحدة من جواهرها، وهي: أن الأمانة التي أبَت السمواتُ والارضُ والجبالُ ان يحملنها، لها معانٍ عدة، ولها وجوه كثيرة. فمعنىً من تلك المعاني، ووجهٌ من تلك الوجوه، هو:
(أنا).
نعم! إن (أنا) بذرةٌ، نشأت منها شجرة
طوبى نورانية عظيمة، وشجرة زقوم رهيبة،
تمدان أغصانَهما وتنشران فروعَهما في أرجاء عالم الانسان من لدن آدم عليه السلام الى الوقت الحاضر.
وقبل أن نخوض في هذه الحقيقة الواسعة نبين بين يديها (مقدمة) تيسّر فهمها. وهي:
المقدمة
ان (أنا) مفتاح؛ يفتح الكنوز المخفية للأسماء الإلهية الحسنى، كما يفتح مغاليق الكون. فهو بحد ذاته طلسمٌ عجيب، ومعمىً غريب.
ولكن بمعرفة ماهية (أنا) ينحَلّ ذلك الطلسم العجيب وينكشف ذلك المعمى الغريب (أنا) وينفتح بدوره لغز الكون، وكنوز عالم الوجوب.
وقد ذكرنا ما يخص هذه المسألة في رسالة (شمة من نسيم هداية القرآن) كالآتي:
((اعلم! أن مفتاح العالم بيد الانسان، وفي نفسه، فالكائنات مع انها مفتحة الابواب ظاهراً إلاّ أنها منغلقة حقيقةً فالحق سبحانه وتعالى أودع من جهة الأمانة في الانسان مفتاحاً يفتح كل أبواب العالم، وطلسماً يفتح به الكنوز المخفية لخلاّق الكون، والمفتاح هو ما فيك من (أنا). إلاّ أن (أنا) ايضاً معمىً مغلق وطلسم منغلق. فاذا فتحتَ (أنا) بمعرفة ماهيته الموهومة وسر خلقته انفتح لك طلسم الكائنات كالآتي)):
إن الله جلّ جلاله وضع بيد الانسان أمانةً هي: (أنا) الذي ينطوي على إشارات ونماذج يستدل بها على حقائق اوصاف ربوبيته الجليلة وشؤونها المقدسة. اي يكون (أنا) وحدة قياسية تُعرَف بها اوصاف الربوبية وشؤون الالوهية.
ومن المعلوم أنه لا يلزم أن يكون للوحدة القياسية وجود حقيقي، بل يمكن أن تركَّب وحدة قياسية بالفرض والخيال، كالخطوط الافتراضية في علم الهندسة. أي لا يلزم لـ (أنا) أن يكون له وجود حقيقي بالعلم والتحقيق.
سؤال: لِمَ ارتبطت معرفة صفات الله جلّ جلاله واسمائه الحسنى (بأنانية) (1) الانسان؟
الجواب: إن الشئ المطلق والمحيط، لا يكون له حدود ولانهاية؛ فلا يُعطى له شكل ولا يُحكَم عليه بحكم، وذلك لعدم وجود وجه تعيّنٍ وصورةٍ له؛ لذا لاتُفهم حقيقة ماهيته.
فمثلاً: الضياء الدائم الذي لا يتخلله ظلام، لا يُشعَر به ولا يُعرَف وجودُه إلاّ إذا حُدّد بظلمة حقيقية أو موهومة.
وهكذا، فإن صفاتِ الله سبحانه وتعالى كالعلم والقدرة وأسماءَه الحسنى كالحكيم والرحيم لأنها مطلقة لا حدود لها ومحيطة بكل شئ، لا شريك لها ولاندّ، لايمكن الإحاطة بها أو تقييدها بشئ، فلا تُعرف ماهيتها، ولا يُشعر بها؛ لذا لابد من وضع حدٍّ فرضي وخيالي لتلك الصفات والأسماء المطلقة، ليكون وسيلة لفهمها حيث لا حدود ولا نهاية حقيقية لها وهذا ما تفعله (الأنانية) أي ما يقوم به (أنا)؛ إذ يتصور في نفسه ربوبيةً موهومة، ومالكيةً مفترضة وقدرة وعلماً، فيحدّ حدوداً معينة، ويضع بها حداً موهوماً لصفاتٍ محيطة وأسماء مطلقة فيقول مثلاً: من هنا الى هناك لي، ومن بعده يعود الى تلك الصفات. أي: يضع نوعاً من تقسيم الأمور، ويستعد بهذا الى فهم ماهية تلك الصفات غير المحدودة شيئاً فشيئاً، وذلك بما لديه من موازين صغيرة ومقاييس بسيطة.
فمثلاً: يفهم بربوبيته الموهومة التي يتصورها في دائرة مُلكه، ربوبيةَ خالقه المطلقة سبحانه وتعالى في دائرة الممكنات.
ويدرك بمالكيته الظاهرية، مالكيةَ خالقه الحقيقية، فيقول: كما أنني مالك لهذا البيت فالخالق سبحانه كذلك مالك لهذا الكون.
ويعلم بعلمه الجزئي، علمَ الله المطلق.
¥