تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[هل أثر " القصر المشيد " في بيان حال البئر؟]

ـ[أم الأشبال]ــــــــ[01 Apr 2010, 01:09 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

أما بعد:

قال الله تعالى: ? فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ? (الحج: 45).

يقول الماوردي:

قوله عز وجل: {وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ} فيها ثلاثة أوجه

: أحدها: يعني خالية من أهلها لهلاكها.

والثاني: غائرة الماء.

والثالث: معطلة من دلالتها وأرشيتها.

ويقول صاحب الكشاف:

[(وبئر معطلة)] وقرأ الحسن: معطلة، من أعطله بمعنى عطله. ومعنى المعطلة: أنها عامرة فيها الماء، ومعها آلات الاستقاء؛ إلا أنها عطلت، أي: تركت لا يستقى منها لهلاك أهلها (وقصر مشيد) والمشيد: المجصص أو المرفوع البنيان. والمعنى: كم قرية أهلكنا؟ وكم بئر عطلنا عن سقاتها؟ وقصر مشيد أخليناه عن ساكنيه؟ فترك ذلك لدلالة معطلة عليه." أهـ

اختلف العلماء في حال البئر كما أشار الماوردي، لكن هل العطف الوارد بين البئر المعطلة والقصر المشيد أثر في تحديد حال البئر؟

******

ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[01 Apr 2010, 02:32 م]ـ

يقول الشنقيطي في أضواءه:"وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَيْ: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا، وَكَمْ مِنْ بِئْرٍ عَطَّلْنَاهَا بِإِهْلَاكِ أَهْلِهَا، وَكَمْ مِنْ قَصْرٍ مَشِيدٍ أَخْلَيْنَاهُ مِنْ سَاكِنِيهِ، وَأَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا كَفَرُوا وَكَذَّبُوا الرُّسُلَ".

وقال الطاهر بن عاشور في التحرير:"وَأَهْلُ الْمُدُنِ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ لِظُلْمِهِمْ كَثِيرُونَ، مِنْهُمْ مَنْ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِثْلُ عَادٍ وَثَمُودٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُذْكَرْ مِثْلَ طَسْمٍ وَجَدِيسٍ وَآثَارُهُمْ بَاقِيَةٌ فِي الْيَمَامَةِ.

وَمَعْنَى خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها أَنَّهَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا سَقْفٌ وَلَا جِدَارٌ. وَجُمْلَةُ عَلى عُرُوشِها خَبَرٌ ثَانٍ عَنْ ضَمِيرِ فَهِيَ وَالْمَعْنَى: سَاقِطَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا، أَيْ سَاقِطَةٌ جُدْرَانُهَا فَوْقَ سُقُفِهَا.

وَالْعُرُوشُ: جَمْعُ عَرْشٍ، وَهُوَ السَّقْفُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ نَظِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ

تَعَالَى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها فِي [سُورَةِ الْبَقَرَةِ: 259].

وَالْمُعَطَّلَةُ: الَّتِي عُطِّلَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ صَلَاحِهَا لِلِانْتِفَاعِ، أَيْ هِيَ نَابِعَةٌ بِالْمَاءِ وَحَوْلَهَا وَسَائِلُ السَّقْيِ وَلَكِنَّهَا لَا يُسْتَقَى مِنْهَا لِأَنَّ أَهْلَهَا هَلَكُوا. وَقَدْ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ فِي مَسِيرِهِمْ إِلَى تَبُوك بئارا فِي دِيَارِ ثَمُودٍ وَنَهَاهُمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشُّرْبِ مِنْهَا إِلَّا بِئْرًا وَاحِدَةً الَّتِي شَرِبَتْ مِنْهَا نَاقَةُ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَالْقَصْرُ: الْمَسْكَنُ الْمَبْنِيُّ بِالْحِجَارَةِ الْمَجْعُولُ طِبَاقًا.

وَالْمَشِيدُ: الْمَبْنِيُّ بِالشِّيدِ- بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ- وَهُوَ الْجِصُّ: وَإِنَّمَا يُبْنَى بِهِ الْبِنَاءُ مِنَ الْحَجَرِ لِأَنَّ الْجِصَّ أَشَدُّ مِنَ التُّرَابِ فَبِشِدَّةِ مَسْكِهِ يَطُولُ بَقَاءُ الْحَجَرِ الَّذِي رُصَّ بِهِ.

وَالْقُصُورُ الْمَشِيدَةُ: وَهِيَ الْمُخَلَّفَةُ عَنِ الْقُرَى الَّتِي أَهْلَكَهَا اللَّهُ كَثِيرَةٌ مِثْلُ: قَصْرِ غُمْدَانَ فِي الْيَمَنِ، وَقُصُورِ ثَمُودٍ فِي الْحِجْرِ، وَقُصُورِ الْفَرَاعِنَةِ فِي صَعِيدِ مِصْرَ، وَفِي «تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ» يُقَالُ: «أَنَّ هَذِهِ الْبِئْرَ وَهَذَا الْقصر بحضر موت مَعْرُوفَانِ. وَيُقَالُ: إِنَّهَا بِئْرُ الرَّسِّ وَكَانَتْ فِي عَدَنٍ وَتُسَمَّى حَضُورٍ- بِفَتْحِ الْحَاءِ-. وَكَانَ أَهْلُهَا بَقِيَّةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِصَالِحٍ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَكَانَ صَالِحٌ مَعَهُمْ، وَأَنَّهُمْ آلَ أَمْرُهُمْ إِلَى عِبَادَةِ صَنَمٍ وَأَنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ حَنْظَلَةَ بْنَ صَفْوَانَ رَسُولًا فَنَهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الصَّنَمِ فَقَتَلُوهُ فَغَارَتِ الْبِئْرُ وَهَلَكُوا عَطَشًا». يُرِيدُ أَنَّ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَاحِدَةٌ مِنَ الْقُرَى الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَإِلَّا فَإِنَّ كَلِمَةَ (كَأَيِّنْ) تُنَافِي إِرَادَةَ قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ".

وقال القرطبي:"والمشيد (بالتشديد) المطول. وقال الكسائي:" المشيد" للواحد، من قوله تعالى:" وَقَصْرٍ مَشِيدٍ"، والمشيد للجمع، من قوله تعالى:" فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ" «5». [النساء: 78]. وفى الكلام مضمر محذوف تقديره: وقصر مشيد مثلها معطل. ويقال: إن هذه البئر والقصر بحضرموت معروفان، فالقصر مشرف على قلة جبل لا يرتقى إليه بحال، والبئر في سفحه لا تقر الريح شيئا سقط فيه إلا أخرجته. وأصحاب القصور ملوك الحضر، وأصحاب الأبار ملوك البوادي، أي فأهلكنا هؤلاء وهؤلاء. وذكر الضحاك وغيره فيما ذكر الثعلبي وأبو بكر محمد بن الحسن المقرئ وغيرهما: أن البئر الرس، وكانت بعدن باليمن بحضرموت، في بلد يقال له حضوراء نزل بها أربعة آلاف ممن آمن بصالح، ونجوا من العذاب ومعهم صالح، فمات صالح فسمى المكان حضرموت، لان صالحا لما حضره مات فبنوا حضوراء وقعدوا على هذه البئر، وأمروا عليهم رجلا يقال له العلس بن جلاس بن سويد ... ".

لعل فيما تم نقله ما يفيد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير