تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نحو منهجية قويمة لعرض الأفكار وتلقيها]

ـ[محمد العبادي]ــــــــ[15 Apr 2010, 11:11 م]ـ

يتفاوت الكُتاَّب في طريقة عرضهم لأفكارهم، كما يتفاوت المتلقون في قدرتهم على الاستيعاب، وبقدر هذا التفاوت يكون الأثر المترتب عليه ابتعادا واقترابا من فهم المراد، وتحديدا لاتجاه هذا الكاتب الذي يسير عليه ويدعو إليه، والأفكار التي يؤمن بها.

وتبرز أهمية الحديث عن هذا الأمر من خلال ما نشهده في حراكنا العلمي والثقافي من سوء فهم كثير من الأفكار، ووقوع كثير من الاعتراضات والاختلافات، بسبب فهم الفكرة فهما مشوها أو منقوصا، وتصنيف الكاتب وتحديد اتجاهه على أساس هذا الفهم، مما يدعو إلى الحديث عن ضرورة ضبط الطريقة التي نعرض بها أفكارنا، والمنهج الذي ينبغي أن نتلقى به الأفكار.

1/ فيما يخص طريقة عرض الأفكار فإن هناك جملة من الأسباب تجعل أفكارنا واضحة، ومقاصدنا جلية أمام المتلقي.

وسوف أذكر هنا سببا من هذه الأسباب، له أهميته الكبرى، وهو: الالتزام بتقديم فكرة مكتملة عن أي أمر نطرحه.

إن من أكثر أسباب سوء الفهم والخطأ في تحديد اتجاه الكاتب هو إغفاله لبعض جوانب الموضوع الذي يتحدث فيه، فيتوهم المتلقي أن هذا الكاتب منكر أو معارض لهذه الجوانب التي أغفلها.

ويظهر هذا الأمر جليا حينما يكون الهدف من الكتابة في الأصل هو الرد والتصحيح لخطأ شائع في أمر معين، فيصنف الكاتب على أنه ينكر الاتجاه المقابل، أو ينتقص منه، بينما الحقيقة خلاف ذلك (1).

وهذا يحتم أن نقدم فكرة مكتملة عند الحديث عن أي أمر نطرحه، فتصحيح الخطأ، والرد عليه لا ينبغي أن يكون مستأثرا بحديثنا، بل يجب مع هذا التصحيح أن نتبعه بأوجه الصواب والحق في الأمر المقابل، ولو على وجه الإجمال، حتى لا يفهم منا ما لا نقصد.

قد يقول قائل: وهل يجب في كل موضع أن نعرض فكرة مكتملة، وأن نبين وجه الحق والصواب في كل أمر نريد تصحيحه وانتقاده؟

الجواب: إن هذا لا يلزم، بل المقصود هو أن يكون حديثنا متنوعا، فإذا خصصنا موضوعا للرد والتصحيح على خطأ ما في جانب ما، فإنه يجب أن يكون لنا موضوع آخر بالمقابل يبين أوجه الحق والصواب في هذا الجانب، بحيث لا تغلب على كلامنا النزعة النقدية وحدها فنصنف كنقاد، بل المطلوب هو أن نسلك سبيل العلماء ونكون منظِّرين جيدين للأمور التي نؤمن بها، وهذا لا يتأتى إلا بسلوك منهج متوازن يجيد بيان الحق والمثال الصحيح كما يجيد النقد وتصحيح الأخطاء.

2/ أما ما يخص سوء الفهم العائد إلى المتلقي، فإن من أهم ما يجب أن يتحلى به الشخص في نفسه هو الحياد التام عند سماع أي رأي، بمعنى عدم التسرع بالحكم قبل أخذ الصورة مكتملة وضم أجزاء الكلام إلى بعضها.

فمن أكبر قوادح التلقي الصحيح: الحكم على الكاتب من خلال موقف معين.

فيجب أن نتحرر من ربقة الأفكار المسبقة، ونسمع من المقابل بحياد تاما، ولا نجتزئ شيئا من كلامه فنحكم على الجميع من خلاله، بل نأخذ الكلام بعمومه، ونفهم كل مفردة منه بسياقها الخاص، حتى نضمن فهما صحيحا مطابقا للواقع ولمراد المقابل دون حيف أو شطط.

إذا تم لنا هذا الأمران: العرض المتوازن فيما نطرح، والفهم المحايد لما نتلقى فإن النتيجة ستكون إيجابية جدا، وسنجد أننا قد تخلصنا من كثير من الخلافات، واكتسبنا العقلية المثالية للتعامل مع الأفكار والأشخاص ..

والله الموفق.

ـــــــ

(1) من الأمثلة على هذا ما نشهده من سجال حول التفسير العلمي للقرآن الكريم، حيث تصدى فريق لبيان هذا النوع من التفسير وسرد أمثلته والتأكيد على ثبوته، وانبرى فريق آخر لبيان الثغرات التي وقع فيها الفرق الأول: تصحيحا وتقويما.

والواقع أن أصل هذا النوع من التفسير وكثير من تطبيقاته هو مما يتفق عليه الفريقان، ولكن بسبب تفرغ كل منهما لنوع واحد من الطرح (التأكيد أو النقد) أصبح المتابع يصنف الأول على أنه مؤيد والآخر على أنه معارض، وليس هذا هو الواقع.

فقد يكون الأول متحمسا حقا، لكن انتقاد الآخر لا يعني أنه منكر (مباين) لهذا الاتجاه جملة وتفصيلا.

وعليه فينبغي أن يعتدل الأول في طرحه، ويتوخى الحق والصواب، كما ينبغي للثاني ألا يستأثر النقد بطروحاته، بل ينوع فيها، بحيث تكون له موضوعات يبين فيها ما يؤيده ويصححه من أمثلة هذا الموضوع ..

وعلى هذا المثال تقاس الموضوعات الأخرى التي يكثر حولها النقاش والسجال.

الخميس 2 جمادى الأولى 1431

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 Apr 2010, 12:03 ص]ـ

أحسنت جزاك الله خيرا

ولي زيادة أو تعليق على رؤيتكم عدم إمكان تناول الموضوع متكاملا من كافة جوانبه، وأن البديل هو أن يكون للشخص مواضيع أخرى تبرز الصورة الكاملة الفكرية التي هو عليها. فإن هذا:

أولا / يصعب من الناحية العملية، فهو يحتاج إلى فحص وتنقيب حول الرجل، وهذا ما لا يتأتى في الحوارات المحلية، أي التي في محلها المعين.

ثانيا / هناك بديل، ولا يلزم طرح الصورة كاملة، والبديل هو استعمال الاعتراضات وإدراج عناوين الجوانب الأخرى بها. دون حاجة إلى التفصيل، فيهم القارئ من خلال العناوين ما عليه المتحدث.

فيقول: فإني أرى فساد هذا الجانب بخاصته - مع التنبيه إلى أني لست أقول بكذا ولست أتبع مذهب كذا مما قد يفهم خطا من خلال ذكري لتلك النقطة -

واضحة؟

موضوعك جميل، وتستروحني جدا الأطروحات المتعلقة بالحوار والفهم والتخاطب .. بارك الله فيك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير