[لطائف قرآنية ....... متجدد بإذن الله]
ـ[محب البشير]ــــــــ[23 Apr 2010, 12:10 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك، اللهم لك الحمد بالإسلام، و لك الحمد بالإيمان، و لك الحمد بالقرآن، لك الحمد حتى ترضى، و لك الحمد إذا رضيت، و لك الحمد بعد الرضى
وبعد
فهذه مجموعة من الطائف و الفوائد و الفرائد القرآنية و التي تمر على خاطر الإنسان أثناء قراءته لكتاب الله - عز وجل - فتدفعه للتدبر فيها، وقد كنت أرجع إلى كتب المفسرين لبيان معاني هذه النكت، حتى صرت كثيرا ما أردد: ما ترك الأول للآخر شيئا، و لكن كلما تقدمت بالإنسان المعرفة أدرك أن كتاب الله أعظم من تنقضي عجائبه و تفنى درره (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولو الألباب)
و سأكتب بتوفيق الله تعالى كل يوم لطيفتين، و أستهلهما اليوم: يوم الجمعة، و أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم و ان ينفعنا به و جميع المسلمين ... آمين. و الحمد لله رب العالمين.
الللطيفة الأولى: (ما كان إبراهيم يهوديا و لا نصرانيا و لكن كان حنيفا مسلما و ما كان من المشركين)
و الإشكال: لمَ تقلب الكلام بين النفي ثم الإثبات ثم النفي؟
و الجواب: أن الله تعالى أخبر في هذه الآية، عن حقيقة أمر إبراهيم، فنفى عنه اليهودية والنصرانية والإشراك الذي هو عبادة الأوثان، ودخل في ذلك الإشراك الذي تتضمنه اليهودية والنصرانية، وجاء ترتيب النفي على غاية الفصاحة، نفى نفس الملل وقرر الحالة الحسنة، ثم نفى نفياً بين به أن تلك الملل فيها هذا الفساد الذي هو الشرك، وهذا كما تقول: ما أخذت لك مالاً بل حفظته، وما كنت سارقاً، فنفيت أقبح ما يكون في الأخذ.
تفسير المحرر الوجيز للإمام ابن عطية الأندلسي ج 1 ص438
و قد يضاف أن الله تعالى قدم الأديان السماوية و أخر الإشراك لأنه دين غير سماوي
اللطيفة الثانية: (وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
لم عبر في الكفر بصيغة الماضي و في الشكر بضيغة المضارع؟
و الجواب: في اختيار صيغة المضي في هذا الشق (الكفر) قيل: إشارة إلى قبح الكفران وأنه لا ينبغي إلا أن يعد في خبر كان، وقيل: إشارة إلى أنه كثير متحقق بخلاف الشكر وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ [سبأ: 1]. روح المعاني ج 11 ص 83
و معنى هذا أن الكفر لا يؤتى بصيغة المضارع تأدبا من الله تعالى ذلك أن المضارع دال على التكرر فلا يذكر الكفر بصيغة تدل على تكرره.
وذكرالإمام الفخر الرازي معنى آخر فقال:
المسألة الثانية قال في الشكر ومن يشكر بصيغة المستقبل وفي الكفران ومن كفر فإن الله غني وإن كان الشرط يجعل الماضي والمستقبل في معنى واحد كقول القائل من دخل داري فهو حر ومن يدخل داري فهو حر فنقول فيه إشارة إلى معنى وإرشاد إلى أمر وهو أن الشكر ينبغي أن يتكرر في كل وقت لتكررالنعمة فمن شكر ينبغي أن يكرر والكفر ينبغي أن ينقطع فمن كفر ينبغي أن يترك الكفران ولأن الشكر من الشاكر لا يقع بكماله بل أبداً يكون منه شيء في العدم يريد الشاكر إدخاله في الوجود كما قال رَبّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ (النمل 19) وكما قال تعالى وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَة َ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا (النحل 18) فأشار إليه بصيغة المستقبل تنبيهاً على أن الشكر بكماله لم يوجد وأما الكفران فكل جزء يقع منه تام فقال بصيغة الماضي. مفاتيح الغيب ج 25 ص 28
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[23 Apr 2010, 12:43 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم على هذه اللطائف الطيبة وأرجو منك تصحيح الخطأ المطبعي في الآية
وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) لقمان
وحبذا لو نقلت الآيات بخط المصحف تفادياً لأي خطأ غير مقصود
وأرجو أن تتدبر الفرق بين هذه الآية والآية رقم 40 في سورة النمل (وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) فقد ورد الفعلان بصيغة الماضي
بارك الله فيك ونفع بك
ـ[محب البشير]ــــــــ[24 Apr 2010, 03:18 م]ـ
الأخت سمر الأرناؤوط بارك الله فيك على التنبيه أما الآية التي ذكرتها فلعل الله ييسر فهمها فنثبتها قبل انتهائنا من كتابة هذه اللطائف
اللطيفة الثالثة: قوله تعالى في سورة الشورى: (وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ (48)) قرن الرحمة بإذا و قرن السيئة بإن فلماذا؟
و الجواب: أن إذا تفيد التحقيق و إن تفيد الشك فقرن الرحمة بإن للدلالة على تحقق وصولها وقرن إن بالسيئة للتقليل و الشك. فظهر بذلك الفرق بين حال الإنسان في النعم و حاله في المصائب
اللطيفة الرابعة: قوله تعالى (أياما معدودة) و (أياما معدودات)
قال الفخر الرازي:
المسألة الثالثة ذكر ههنا (وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَة) ً وفي آل عمران إِلا أَيَّامًا مَّعْدُوداتٍ ولقائلٍ أن يقول لم كانت الأولى معدودة والثانية معدودات والموصوف في المكانين موصوف واحد وهو (أياماً) والجواب أن الاسم إن كان مذكراً فالأصل في صفة جمعه التاء يقال كوز وكيزان مكسورة وثياب مقطوعة وإن كان مؤنثاً كان الأصل في صفة جمعه الألف والتاء يقال جرة وجرار مكسورات وخابية وخوابي مكسورات إلا أنه قد يوجد الجمع بالألف والتاء فيما واحده مذكر في بعض الصور نادراً نحو حمام وحمامات وجمل سبطر وسبطرات وعلى هذا ورد قوله تعالى فِى أَيَّامٍ مَّعْدُوداتٍ و فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ فالله تعالى تكلم في سورة البقرة بما هو الأصل وهو قوله أَيَّامًا مَّعْدُودَة ً وفي آل عمران بما هو الفرع. ج3 ص 130
¥