تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وصحابته والتابعون وأتباعهم وعلماء الإسلام فى سائر الأعصار والأمصار يقرءون القرآن الكريم على هذا الترتيب البديع، والتنسيق المعجز، الذى كان - ولا يزال - له أكبر الأثر فى قلوب المسلمين. ولكن مما يؤسف له أن قراء القرآن الكريم فى هذا العصر -إلا النذر اليسير- قد ابتدعوا فى قراءاتهم بدعة سيئة وطريقة مقيتة، ينكرها الدين ويأباها الشرع وينفر منها قلب المؤمن المفعم بحب القرآن وتقديسه، الغيور على صيانته من عبث العابثين وهذيان اللاعبين، تلك الطريقة القبيحة المستهجنة والبدعة الضالة المحدثة هى: أن القارئ يخالف الترتيب الذى أنزل الله القرآن عليه، لذلك يبدأ قراءته بسورة معينة أو جزء مخصوص من القرآن الكريم ولكنه لا يصل الآيات بعضها ببعض، بل ينتقي آيات معينة على مزاجه الخاص، ويترك فى البين آيات أخرى لا توافق مزاجه، ولا تلائم هواه، وقد يعمد في قراءته إلى الاقتصار على آيات الوعد والبشارة، دون آيات الوعيد والنذارة. وقد صرَّح البعض -غفر الله له- بأنه إنما ترك آيات الزجر والإنذار رعاية لشعور السامعين وإحساسهم، وهو في ذلك جدُّ خاطئ فإن المولى جلَّت قدرته الحكيم في صنعه العليم بخفايا النفوس وهواجس القلوب قد خلق عباده متفاوتين في الاستعداد، متباينين في الفطر والغرائز، فمنهم من يكون علاجه في سماع آيات الوعد والتبشير، ومنهم من يكون دواؤه في سماع آيات التهديد والوعيد، فالله تعالى يؤدب عباده على اختلاف استعداداتهم وتباين طبائعهم .. فالقارئ الذي يقتصر في قراءته على آيات الوعد والتبشير، كأنه يستدرك على الخالق، ويعقب عليه، وكأنه يدعى أنه أكثر أدباً وأسد رعاية لشعور السامعين من القرآن الكريم، وكأني به وهو يزعم أن عنده من الرحمة بالخلق والإشفاق عليهم ما ليس عند أرحم الراحمين وما ليس عند المبعوث رحمة للعالمين)

انظر كتاب: مع القرآن الكريم، تأليف الشيخ / محمود الحصرى صفحة 64، 66 بتصرف، ط / الثانية.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير