تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وما ذاك إلا لرؤية غيم، فكيف بأعمدة من الرماد على ارتفاع (11) كيلومترا في الجو!! ..

وكان حاله صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس ـ تلك الآية الكونية ـ من أشد أحوال الخوف والانكسار والتضرع، حتى إنه خرج فزعاً يجر رداءه مستعجلاً يخشى أن تكون الساعة

ومع ذلك فإننا نجد الآن من لا يتأثر، ولا يخاف، ولا يتعظ؟!

5 ـ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ:

إن ما حدث شاهد عظيم على قدرة الله جل جلاله، فقدرته سبحانه فوق كل قدرة، وقوته تغلب كل قوة .. أرانا عجائب قدرته، ودلائل قوته فيما خلق وقدَّر ..

فما شاء الله تعالى كان، وما لم يشأ لم يكن، وهو على كل شيء قدير (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا).

فقدرة الله لا يحدها شيء: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا).

6 ـ عجز بني البشر:

فهذا الإنسان كلما طغى وتكبَّر وتجبَّر في الأرض، وادعى الوصول لأعلى درجات الكمال والاستغناء عن خالقه، يبعث الله ما يبين له ضعفه وعجزه وفقره إلى مولاه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد).

فماذا صنعت الدول بأجهزتها وقوتها أمام هذا الجندي من جنود الله ... هل يستطيعون منعه أو إيقافه؟

إنهم يشاهدون ما يحدث، ولا يملكون نحوه شيئًا، مع كل ما وصلوا إليه من علوم وتقنيات!!.

فأين قوتهم وقدرتهم، وأين دراساتهم وأبحاثهم، ومكتشفاتهم ومخترعاتهم؟

هل دفعت لله أمرًا؟، أو منعت عذابًا؟ أو عطَّلت قدراً؟!

في لحظات معدودة ينقلب الأمن خوفاً، وتتحول مكاسب شركات الطيران إلى خسائر قدرت بمئات الملايين، وتقف قارة بأكملها عاجزة أمام هذه الكارثة، بالرغم مما توصلت إليه من تِقْنِيَّة علمية، ليطلعهم الله عز وجل على مدى ضعفهم، وقلة حيلتهم، وليعلموا صدق قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ).

7 ـ أين القوة المادية؟

لطالما تبجحوا بقوتهم وجبروتهم المادي واغتروا به ... لكن هذا التطور لم يستطع أن يفعل شيئاً أمام سحابة من الدخان، (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ).

فهم في غرور يهيئ لهم أنهم في أمان، وفي حماية، وفي اطمئنان!!.

فلما خُيِّل إليهم أنهم بلغوا شأواً عظيما في مجال صناعة الطيران .. أتاهم البركان على حين غرة؛ فأصاب طيرانهم بالعجز، والخسارة الفادحة (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً).

8 ـ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا:

فأين العلم، والتقدم، والتقنية للقضاء على هذه السحابة البركانية.

لقد غدا علماء البيئة وعلم الأرض والأرصاد في حيرة واضطراب: فالبعض يقول إن البركان سيهدأ .... والبعض الآخر يقول سيزداد، والبعض يقف حائراً ولا يدري متى سيتوقف البركان عن نفث الغبار الذي يسبح على ارتفاع كيلومترات في الجو، فقد تتواصل لعدة أيام وربما عدة أشهر، وربما أكثر!!

والبعض يرى أن الأسوأ لم يأتِ بعد!!

وقد صرح المتخصصون في علم الأرض بمكاتب الأرصاد بقولهم: "نرى إشارات متباينة، توجد بعض الإشارات التي تدل على أن الثوران سيهدأ، وأخرى تظهر أنه لا يتراجع ".

9 ـ قصور الحسابات البشرية:

ومع أن لهذه الآيات الكونية أسباباً بمقدور البشر في أحيان كثيرة التنبؤ بها قبل وقوعها .... إلا أن هذه الحوادث تثبت يوماً بعد يوم قصور البشر، سواء في التحليل وتوقع الأزمات، أو في الاستعدادات والاحتياطات، أو في التصدي لها.

وإذا وقع قدر الله، فلا تنفع حينئذ مراكز الدراسات الإستراتيجية, ولا الاحترازية, ولا أجهزة التحكم, ولا مراكز الأبحاث ورصد المعلومات ولا غيرها فـ (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير