يقصد كتابات العلمانيين والليبراليين الذين يرد عليهم الناس فهم للأسف أكثر الناس استعلاء وأقل الناس حقيقة لفهم ما هم عليه , وقد دخلت يوما على منتدى الليبراليين السعوديين وإذ بهم لا يعرفون معنى الليبرالية , ويظنون أن الليبرالية هي الحرية بقيود يضعها كل منهم على شاكلته ,ويفسرها كل منهم بطريقته غير متقيد بما يعنيه أصحاب الفكر الليبرالي من كلمة ليبرالية.
الإنترنيت جعلني أحتقر الفلاسفة والمؤرخين والمفكرين وكِبارَ العلماء الماديين، ويمكنني أنْ أصارع أكبرَهم عِلمًا وأرّديه قتيلا أونلاين، فأنا أشكك في أي فكرة، ويكفي أن أكتب بأن هذا الكلام هراء ويتعارض مع تعاليم ديننا الحنيف، وهنا يسابق الأعضاء الريح ليضعوا جواهرهم الفكرية المأخوذة من فقهائنا الذين عاشوا في القرون الأولى، فكارل ماركس، الذي لا أعرف من هو، تسقط أفكاره من منتدانا كما تسقط أوراق الخريف، ويستطيع أي أميّ وجاهل في موقعنا أن يُدحض كتابات أرنولد تويني وزكي نجيب محمود وسارتر وهنريك إيبسين وجمال حمدان وسيجري إينست ووليم شكسبير وقاسم أمين و جان جاك روسّو! كان ينبغي من هذه العبارة أن يفهم أن المقصود ليس شاب الإنترنت العادي وإنما يقصدون ويخصون أهل الدين والصلاح , وإلا فأغلب متصفحي الإنترنت في المنتديات لا يهتمون أصلا بهذه المواضيع. لاحظ كيف الإختيار للأسماء وأن المنتقدين باسم الدين الذي هو من الماضي ........
لم أعد بحاجة إلى قواعد اللغة العربية، وقد غضبت من أحد المتثاقفين، وهو رجل أخرجت له تروس المطابع كُتبا كثيرة أشاد بها أمثاله من الأدباء والمفكرين، عندما حاول تصحيحَ تعليقاتي، وكتب كلاما سخيفا عن أهمية اللغة السليمة، وصحّح لي كلمات مثل منذو (منذ)، ولا كن (لكن)، ومصطنقع (مستنقع)،ونحنو (نحن) وأستاز (أستاذ)، تلميز (تلميذ) و سقافة (ثقافة)، وسمانية (ثمانية) و .. عشرات غيرها، وهنا انفجرت غضبًا، وشتمت له أبا الأسود الدؤلي والخليل بن أحمد الفراهيدي ومصطفى صادق الرافعي وعائشة عبد الرحمن وميّ زيادة، فأنا لست بحاجة إلى هؤلاء المتخلفين لأنني شاب إنترنتي أنقل أي مقال، وأذيّله باسمي، وسيتبارى العشرات للذود عني لأنهم أيضا أعداءُ ما تُسَمّىَ الثقافة، وخصومٌ مثلي للكتاب المطبوع. هذه العبارة صحيحة ولكني لا أجد ما في مؤخرتها موجودا بل أجد الكل يتمنى اتقان اللغة.
مساء أول أمس طرق والدي باب غرفتي، ودخل بهدوء ثم سألني عن سبب قضاء ساعات طويلة دون طعام أمام الإنترنيت، فقلت له بأنني رئيس لجروب كبير يُغرق البريد الإلكتروني لآلاف من الناس بأحاديث نبوية شريفة، ومقالات منقولة تدحض أكاذيب الأديان الأخرى، وأكدت لأبي تفاؤلي بقرب تحقيق الخلافة الإسلامية التي ستمتد من كيب تاون، مرورا بنجامينا، ثم القدس المحتلة، ومنها إلى استانبول لتستقر في شمال النرويج وتأتينا الدنيا كلها صاغرة!
هذا يراد منه الإستهزاء بالشاب المسلم المدافع عن دينه لا أكثر.ولاحظوا التناقض بين ما زعمه وبين العبارة التي بعدها:
ابتسم والدي الطيب، ودعا لي بالفلاح والنجاح في مهمتي الشاقة، وشعرت بأن نجاحاتي على النت مرجعها إلى أنني هجرت الكتاب والثقافة والفكر، وتفرغت لقضايا سامية، وبدأت أستعد للخطوة القادمة وهي إنشاء منتدى أتحكم في أعضائه كما يتحكم المستبد في رعاياه، وأطرد منهم من يُهَيّج علينا أجهزة الأمن بآراء سخيفة ومناهضة للزعيم، مهمتي العظيمة بالغة الصعوبة فهناك مئات المواقع الإسلامية والمسيحية التي يحاول أصحابها وأعضاؤها إثبات زيف الدين الآخر، فالمسيحي يظن نفسه مبعوث العناية الإلهية، وأنه سيجعل المسلمين متحضرين، وسينزع القسوة من قلوبهم، وسيثبت أن القرآن الكريم مليء بالمغالطات، والمسلم، الذي لم يقرأ حرفا واحدا في العهدين القديم والجديد، يستعد لجمع الجزية بعدما يسيطر الإسلام على كل شبر في الدنيا، وسيرغم الكفار على أن يأتوا إليه صاغرين!
معارك دون كيشوتية، يستخدم فيها أتباع الدينين الكبيرين كل الأسلحة والضرب تحت الحزام والاستعانة بأساطير تاريخية ليستلقي بعدها كل مسلم أو مسيحي على فراشه، ويتخيل العالم كله قد اعتنق دينه وذلك بفضل مكوثه أمام الكمبيوتر معظم ساعات الليل والنهار!
قال لي صديق مسلم بأنه لم يلمس الأناجيل أو حتى يراها، ولكنه يوصل الليل بالنهار ليدحضها، ويثبت خرافة المسيحية!
وأعرف مسيحيا انضم إلى جمعية دينية في الخارج، وأصبحت مهمته البحث في عجائب الكتب الصفراء عما يسيء للإسلام، ويعيد نشرها مهللا لعبقرية اكتشافاته، ويقسم باسم العذراء أن المليار ونصف المليار مسلم أصبحوا على مرمى حجر من اعتناق المسيحية.
وأنا أعرف الكثير من الليبراليين واللادينيين الذين يسمون القران والكتب السماوية اساطير كما يرى الكاتب ولكنه يؤمن بإله أسمه كارول ماركس وأخر اسمه هيجل وأخر اسمه فرويد وأخر اسمه دارون.
لماذا لم يذكر العلمانيين والليبراليين في كتابته مع أنهم أكثر الناس تعصبا لفكرهم وأقل الناس إهتماما بفكر مخالفهم.
هل هذا قدر كاف؟
¥