تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من الحق فأخذ يقلي أبناءها واحدا بعد الآخر والمرأة صابرة محتسبة حتى بلغ الابن الأخير منهم فقال يا أماه اصبري فإنك على الحق " وما أقبلت تلك المرأة الصالحة على هذا العمل وأمثاله من الصالحات إلا لما استقر في قلبها من عظمة الجبار جل جلاله وما استقر في قلبها من ملكوت وتنزيه الجبار جل جلاله عما لا يليق به فسبحان من أحسن كل شيء خلقه وبدا خلق الإنسان من طين فأول أحوال المؤمن في رمضان أن يتذكر في مرور الليالي ووالأيام وتقلب الدهور والأعوام الخالق الباري الذي خلق هذا الخلق وسيره كيفما يشاء لا يعزب عنه فيه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.

أما ثاني أحوال المؤمنين في رمضان: فإنهم ما إن يبدوا هلاله إلا وهم ينظرون إليه كما نظر إليه من قبل سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وسلم فيقولون كما أثر عنه " ربنا وربك الله اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام " فإذا ذكروا ذلك خافوا على أنفسهم أن لا يوفقوا في هذا الشهر إلى عمل صالح خافوا على أنفسهم أن يغتنمهم الأجل قبل أن يتموا صيام شهرهم خافوا على أنفسهم أن يردوا على أعقابهم بعد إذ هداهم الله خافوا على أنفسهم أن يكون حظهم من صيامهم النصب والتعب خافوا على أنفسهم أن لا تقبل لهم طاعة ولا يرفع لهم كلمة طيبة ولا عمل صالح فلجأوا إلى رب العالمين جل جلاله لجأوا إلى من فرج عن موسى وهارون وأنجى ذا النون أن يوفقهم إلى الأعمال الصالحة برحمة منه وفضل وأن يتقبلها منهم برحمة منه وفضل {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} إن العبد إذا فر عن الله وأعرض عن ذكره فقد أوكل نفسه إلى هواها وأوكل نفسه إلى ذاته الضعيفة وأوكلها إلى من لا حول له ولا طول ولا قوة ولكن اللبيب العاقل إذا فر من الله فر إليه ولا ملجأ من الله إلا إليه وما رمضان إلا مظهر ظاهر ومعلم بين من مظاهر رحمات ربنا جل جلاله بعباده فالله تبارك وتعالى خلق الرحمة وجعلها مائة جزء جزءا واحدا منها يتراحم به الخلق

/

حتى إن الدابة لترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه من تلك الرحمة وأبقى جل جلاله تسعا وتسعين جزءا ادخرها تبارك وتعالى لعباده يوم القضاء والفصل وكما قلنا سلفا إن رمضان مافيه من نفحات إلهية و مافيه من رحمات ربانية مظهر من مظاهر رحمة الله جل وعلا بعباده.

ألا وإن من أحوال المسلمين في رمضان: أن يعلموا أن الصوم أبين خصاله وأهم مايمكن أن يقدم عليه المؤمن من عمل خاص في رمضان والصوم أيها المؤمنون من أجل القربات ومن أعظم الطاعات فقد صام نبينا صلى الله عليه وسلم قبل أن يفرض عليه صيام رمضان وجاء في الآثار الصحيحة أن موسى عليه الصلاة والسلام لما واعده ربه أربعين ليلة صام تلك الأيام حتى يتهيأ للقاء الله تبارك وتعالى وصام أنبياء الله من قبل كما صام المسلمون الحنفاء من قبل نبينا صلى الله عليه وسلم ولقد نادانا ربنا في القرآن نداء كرامة لا نداء علامة فقال جل جلاله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فأوجب الله جل جلاله على المؤمنين صيام هذا الشهر وصح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه " وفي الصحيحين عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال قال الله تعالى " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " "والصوم جنة فإذا كان يوم صيام أحدكم فلا يرفث ولا يفسق فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم للصائم فرحتان يفرحهما يفرح بفطره إذا أفطر ويفرح بصومه إذا لقي ربه " وفي رواية لمسلم " كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " وفئام من الناس اليوم عفا الله عنا وعنهم لم ينظروا إلى رمضان إلا أنه تغيير في البرنامج اليومي وتبديل في البرنامج الزمني فيقضون نهار رمضان في سحابة نوم متواصل ويقضون ليله والعياذ بالله في لهو وعبث متواصل ويظنون بذلك أنهم قد أدوا ماعليهم وأنهم صاموا وأين هم من آثار وهدي سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه لقد كان نبينا ....... العشرين الأول من رمضان مابين صوم ونوم أي في الليل ويتفرغ

/

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير