تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

صلوات الله وسلامه عليه في العشر الأواخر للصيام في النهار والعبادة والقيام والذكر والتهليل والدعاء والمناجاة والتسبيح في الليل والمقصود من ذلك أن يعلم المؤمن أن رمضان أيها المؤمنون باب عظيم من أبواب الجنة وطريق بين إلى رضوان رب العالمين جل جلاله وإن من رحمت الله بك أيها الأخ المؤمن وأيتها الأخت المؤمنة أن يبلغك الله شهرا كرمضان وانظر إلى من هم اليوم تحت الثرى وفي طيات المقابر كيف لا يستطيعون أن يخرجوا منها أبدا ولا أن يقدموا لأنفسهم عملا صالح لا في رمضان ولا في غيره وأنت ربك قد اصطفاك وبلغك رمضان وأرشدك إلى معالم الحق وبين لك مواطن الطاعة وبين لك مواطن المعصية بين لك مواطن الطاعة لتأتيها وبين لك مواطن المعصية لتحجم عنها {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} وهذا أمر بين وجلي واضح.

ولكن ينقص الناس اليوم أمران:

الأول: اليقين بلقاء الله تبارك وتعالى وإنه إذا رزق العبد اليقين بلقاء الله جل وعلا هانت عليه الأعمال وسهل عليه طاعة ربه جل جلاله كان أبو حازم من السلف يمر في السوق على الجزارين فيقولون له هلم لتشتري اللحم يا أبا حازم فيقول لا أملك دنانير ولا دراهم فيقولون نصبر عليك فيقول إن كانت المسألة مسألة صبر فأنا أصبر حتى أدخل الجنة يقينا بلقاء الله تبارك وتعالى فالله جل جلاله خاطب سيد الأبرار صلى الله عليه وسلم بقوله {قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} والله جل جلاله يقول حتى يورث في قلوب المؤمنين اليقين بلقائه {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)} فإذا وقر في القلوب هذا سهلت الطاعات سهل إتيان المساجد

/

سهل القيام بين يدي الله سهل الصبر على النصب والتعب والعطش وما يكون من وراء الصيام من جهد ومشقة.

والذي ينقص الناس ثانيا: الهمة العالية والعزيمة على العمل الصالح الرشيد فإن انتشار العلم اليوم قد بين للناس كثيرا من أمور دينهم ولكن كما أثبتنا ينقص الناس اليوم الهمة والعزيمة على طاعة الله جل وعلا والإنسان إذا كان عالي الهمة ينظر وراء الأفاق ينظر فيما وراء الغيب يطمع فيما عند الله لا ينظر إلى الدنيا ولذاتها ولا إلى الشهوات التي ستنتهي فإن الدنيا بأسرها نعمة زائلة وزهرة حالة لا محالة صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان في غزاة له فأطعمه أعرابي وأكرمه فقال له عليه الصلاة والسلام:"اعهدنا وأتنا" يريد أن يكافئه على صنيعه فحدث أن جاء ذلك الأعرابي إلى رسولنا صلى الله عليه وسلم فقال له صلوات الله وسلامه عليه:" سلني حاجتك فقال يارسول الله ناقة وأعنز يحلبها أهلي فقال عليه الصلاة والسلام:" عجز هذا الرجل أن يكون كعجوز بني إسرائيل قالوا يارسول الله وما عجوز بني إسرائيل فقال صلى الله عليه وسلم إن الله لما أمر موسى أن يسري بقومه ليلا ضل الطريق فقال ما هذا فقال له الملأ من بني إسرائيل العلماء منهم إن يوسف عليه السلام قد أخذ علينا العهد والميثاق أن إذا رحلنا عن أرض مصر أن نأخذ عظامه معنا فقال ومن يدلني على قبر يوسف قالوا لا يعلم قبر يوسف إلا عجوز منا فلما قدمت بين يدي موسى قال دليني على قبر يوسف قالت لا أدلك عليه حتى تؤتيني حكمي قالت وما حكمك قالت أن أكون مرافقتك في الجنة فكأن موسى استثقل هذا فلما أصرت عليه قال لها ذاك لك ودلته على قبر يوسف وموضع الشاهد منه أن هذه المرأة لم تطلب أمرا دنيويا ولا منصبا تتفاخر به على غيرها من النساء ولا زينة مما يتحلى به النساء عادة ولكنه كان جل همها وتفكيرها وعزيمتها وجهدها منصب على أن تنال حظا أخرويا من الله تبارك وتعالى وقد حدثت لها هذه الفرصة ونظير هذا ما

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير