تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " وفي الحديث المتفق عليه أن نبينا صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر الله له ماتقدم من ذنبه" فصوموا شهركم أيها المؤمنون إستجابة للأمر الرباني العظيم وتقربا إلى الله وزلفى بهذا العمل الصالح الذي دأب عليه نبينا صلى الله عليه وسلم وأعلموا عباد الله أن فئاما من الناس اليوم يقضون نهارهم في نوم متواصل ويقضون ليلهم في لهو وعبث وتكاسل وأمثال هؤلاء لم يعرفوا من رمضان إلا تبدلا وتغيرا في جدول حياتهم اليومية وكفى بذلك إثما وخطيئة وبعدا عن منهج الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه.

عباد الله:

وكما شرع الله لكم صيام رمضان ندبكم ربكم جل وعلا إلى جملة من الأعمال الصالحة من نوافل الطاعات التي هي في رمضان أوكد وأعظم أجرا ولعل أظهر ذلك أن الله تبارك وتعالى جعل لليل مزية على النهار فأسرى الله جل وعلا بنبينا إلى المسجد الأقصى ليلا ونجى الله موسى وقومه ليلا ونجى الله لوطا وبنتيهما مع فلق السحر وقيام الليل أمر مندوب إليه في رمضان وفي غيره {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً (65) إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} أما قيام رمضان فقد قال صلى الله عليه وسلم:"من قام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه " ولقد سن لكم نبيكم صلى الله عليه وسلم أنه خرج في أول ليلة من رمضان فصلى فصلى وراءه جمع من الصحابة فلما كان في اليوم الثاني اجتمعوا عليه أكثر ثلاث ليال أو أربع وكان من حدبه وشفقته صلى الله عليه وسلم على الأمة خاف أن يفرض عليها قيام ليل رمضان فامتنع عن الخروج وقال لهم علمت الذي صنعتم ولكني خفت أن تفرض عليكم ثم مكث الناس بقية عهد النبوة وفي عهد الصديق يصلون أرسالا وفرادا وجماعات حتى كانت في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فأمر أبي بن كعب وتميم بن أوس الداري رضي الله تعالى عنهما أمرهما أن يصليا بالناس إحدى عشر ركعة ثم مضت صلاة التراويح سنة مرضية منذ ذلك العصر الراشد إلى يومنا هذا فقيام رمضان أيها المؤمنون تراويح و غيرها من أعظم القربات وأجل الطاعات كما أن قيام العشر الأواخر منه أعظم أجرا وأكثر فضلا لأن فيها ليلة توازي عبادتها عبادة ألف شهر قال جل جلاله {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه.

عباد الله:

ألا وإن مما شرعه الله لكم وشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم في رمضان الإنفاق من المال ابتغاء ماعند الله من الرضوان ولقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس عند مسلم وغيره كان نبينا أجود الناس وكان أجود مايكون في رمضان إذا لقيه جبريل يدارسه القرآن كان صلى الله عليه وسلم أجود من الريح المرسلة وكم لله في أرضه من عباد بيوتهم مستورة وقلوبهم بائسة مكسورة لا يعلم حالهم ولا ماهم فيه إلا الله تبارك وتعالى وإن قيام الدولة وفقها الله بواجبها تجاه أهل الفقر والمسكنة لا يعفي أبدا أهل الثراء والمال والجاه والغنى من أن يقوموا بواجبهم تجاه الفقراء والمساكين وذوي الحاجات فهنيئا لمن عرف تلك الدور وأعطاها هنيئا لمن خاف الله فيها فأطعمها فسقاها هنيئا لمن دل عليها وأرشد إليها وجلاها دخل رجل على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال:

ياعمر الخير جزيت الجنة ... اكسي بنياتي وأمهن

وكن لنا من الزمان جنة ... أقسمت بالله لتفعلنه

فقال عمر: وإن لم أفعل يكون ماذا؟ قال: إذا أبا حفصة لأمضينه،قال عمر وإن مضيت يكون ماذا؟ قال:

إذا أباحفص لتسألنه ... يوم تكون الأعطيات جنة

وموقف المسئول بينهن ... إما إلى نار وإما جنة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير