تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (11)}

اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه.

عباد الله:

ألا وإن من المشروع في رمضان أن يأتي المسلم فيه بالعمرة فإن العمرة في أصلها أمر محمود من كفارات الذنوب ومزيلات الخطايا والمعاصي ولقد ثبت عن رسولنا صلى الله عليه وسلم أنه لما قدم المدينة بعد حجة الوداع سأل امرأة من الأنصار مامنعك أن تحجي معنا فشكت إليه المرأة قلة الزاد قلة الرحالة والزاد فقال صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الناس بالشرع وأنصح الخلق للخلق قال فإذا كان رمضان فاعتمري فإن عمرة في رمضان تعدل حجة معي صلوات الله وسلامه عليه فتقربوا إلى الله جل وعلا بهذا العمل الصالح تقربوا إليه بنية خالصة وقلوب مقبلة على الله ترجوا ثوابه وتخشى عقابه جل جلاله ألا وإن مما شرعه الله لكم في رمضان وفي غيره الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومساعدة رجال الحسبة في تنبيه الغافل ورد الباطل فإن إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم شعائر الدين التي أمر الله بها {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} بلغنا الله وإياكم رمضان وأعاننا على صيامه وقيامه اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ومن فجاءة نقمتك ومن تحول عافيتك ومن جميع سخطك أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم"

الخطبة الثانية

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ..... أما بعد

أيها المؤمنون:

فلئن كان معروفا لدى المؤمنين أن رمضان مضمار للخيرات ومجال للتنافس في الطاعات ولئن كان من البدهي أن رمضان منبع للفضائل ومنهل للصالحات فإن ممن لا شك فيه ولا مرية أبدا أن رمضان في المقام الأول شهر القرآن ففي هذا الشهر أيها المؤمنون أنزل الله خير كتبه على خير رسله صلى الله عليه وسلم بواسطة خير ملك في خير ليلة {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} فأقبلوا على القرآن أيها المؤمنون ليلا ونهارا سرا وجهارا وأعلموا أن من دأب سلف الأمة الصالح أنهم كانوا يخصصون جل وقتهم في رمضان لقراءة القرآن فقد كان مالك رحمه الله على جلالة قدره وحاجة الناس إلى علمه كان إذا دخل رمضان ترك الحديث وترك مجالس العلم وأقبل على قراءة القرآن فأقبلوا على قراءة كتاب ربكم تبارك وتعالى واعلموا أن نبي الله داوود كان يقرأ كلام ربه في الزبور فتجيبه الشم الشوامخ والجبال الرواسخ وتردد الطير بترديده قال جل جلاله {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ} والعزاء كل العزاء لقلوب تقرأ القرآن فلا تخشع وعيون يتلى عليها القرآن فلا تدمع {قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} وإن البكاء حال قراءة القرآن من أعظم من مناقب الصالحين فإن الله ذكر جملة من عباده الأخيار ثم أردف بقوله {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير