أرشيف ملتقى أهل التفسير

كله لم يشهد ولم يقع فيه أن أحدا صام لغير الله لأنه لا يوجد أحدا ممن يزعم أنه مستحق للعبادة طلب من الناس أن يعبدوه صياما لأن ذلك يكلفه هو أكثر مما يطيق ولهذا يظهر والعلم عند الله أن المعنى الحقيقي لقوله:" إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " أنه عبادة لا يمكن أن تقع لغير الله ولهذا اختصها الله جل وعلا بنفسه وأضافها الله تبارك وتعالى لذاته العلية إضافة تشريف.

أيها المؤمنون:

إنك لن تصوم أكمل من هدي محمد صلوات الله وسلامه عليه فإذا تأمل المؤمن في سنة أحمد صلوات الله وسلامه عليه عرف الطريق الأقوم والسبيل الأمثل إلى صيامه تسحر نبيكم صلى الله عليه وسلم قريبا جدا من صلاة الفجر وقال: " تسحروا فإن في السحور بركة " رواه البخاري رحمه الله من حديث أنس " تسحروا فإن في السحور بركة " يتسحر المؤمن حتى يتقوى على طاعة الله فهو لا يمتنع عن الطعام امتثالا لأمر طبيب ولا تقربا لحبيب وإنما يصوم رغبة فيما عند الله من الأجر وامتثالا لما كان من الله من الأمر أفطر نبيكم صلى الله عليه وسلم على رطبات فإن لم يجد فتمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء ثم يفزع صلى الله عليه وسلم ويقوم إلى الصلاة وأخبر أنه في الحديث القدسي أن الله يقول " أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا " إن المؤمن يمتنع عن الأكل والشرب وما أباحه الله له من الجماع وهو يقدر على ذلك كله رغبة فيما عند الله من الأجر وامتثالا لأمر ربه فإذا انقضى وقت الأمر الإلهي وانتهت المدة التي حددها الله وأمر بنهايتها فزع المؤمن إلى الطعام والشراب يظهر إلى الله جل وعلا فقره ويقول لربه بلسان الحال: ما أحوجني إلى الطعام والشراب وإلى فضلك وإنما امتنعته عنه لما أمرتني فلما أبحت لي أن أكل أكلت ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي صلوات الله وسلامه عليه والخير كل الخير في هديه وإتباع سنته وامتثال أمره ولزوم هديه.

عباد الله:

إن المؤمن يجمع إلى تلك العبادة العظيمة بعضا من العبادات وأفعال الخير التي ثبتت عن رسولنا صلى الله عليه وسلم أكثر نبيكم عليه الصلاة والسلام من الصدقة في رمضان خاصة إذا لقيه جبريل يكون أجود ما يكون أجود من الريح المرسلة وقد جاء رجل لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأله الصدقة قال:

ياعمر الخير جزيت ... أكسي بنياتي وأمهن

وكلنا من الزمان جنة ... أقسمت بالله لتفعلنه

قال عمر: وإن لم أفعل يكون ماذا؟ قال: إذا أبا حفص لأمضينه قال عمر: وإن مضيت يكون ماذا قال:

إذا أبا حفص لتسألنه ... يوم تكون الأعطيات جنة

وموقف المسئول بينهن ... إما إلى نار وإما جنة

جعلني الله وإياكم من أهل جنته إعطاء الفقراء مواساة ذوي القربى إجابة السائلين رغبة فيما عند الله من الخير من أعظم مايدل على حسن الظن برب العالمين جل جلاله إنما تعطيه بيدك يخلفه الله جل وعلا عليك والله تبارك وتعالى خير الرازقين العمرة في رمضان أيها المؤمنون مرغب فيها شرعا قال صلى الله عليه وسلم وهو الصادق والمصدوق " عمرة في رمضان تعدل حجة " وفي رواية لمسلم " عمرة في رمضان تعدل حجة معي " صلوات الله وسلامه عليه فالإتيان بها في رمضان قربة وأي قربة لكن لا يكلف الإنسان نفسه ما لايطيق ولا يتعرض لأذى الناس إذا أدى العمرة وإنما يؤديها طلبا من الله مغفرته وسعيا إلى نيل رحمة أرحم الراحمين جل جلاله قرأ نبيكم صلى الله عليه وسلم في رمضان القرآن كان جبريل يدارسه القرآن في كل عام مرة حتى كان العام الذي توفي فيه صلوات الله وسلامه عليه فدارسه جبريل في ذلك العام كالمودع دارسه القرآن مرتين القرآن أيها المؤمنون كتاب الله أنزله الله بواسطة خير ملك على خير نبي في خير ليلة من خير شهر يتعبد المؤمن ربه جل وعلا بتلاوته وتدبره والعمل بما فيه والإيمان بمتشابه والعمل بمحكمه يفزع إلى أمر القرآن فينفذه ويرى نهي القرآن فيعرض عنه كل ذلك خوفا من الله وفرطا وامتثال لأمره وطلبا لما عند الله جل وعلا من الأجر والثواب يقرأه المؤمن في صلاته وفي غير صلاته ويتدبره ويعرف معانيه حتى يكون إلى الله أقرب ومن الله أدنى إذ لا نسب بين الله وبين أحد من خلقه ولكنه العمل الصالح ومن أعظم العمل الصالح تدبر القرآن قال الله جل وعلا {وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ

¥