والاختيار يختلف باختلاف الناس، فمنهم العالم القادر على تقويم الكتب، ومنهم من ليس كذلك، فهؤلاء يأخذون مبدأ الاستشارة في شراء الكتب.
والاستشارة لها شرط وهو أن توقف المستشار على مبتغاك مع كونك تختار المستشار، ولها أدب وهو أن تتأدب مع من تستشيره، فلا تخالفه بعد الاستشارة لهوى نفس لا شيء آخر.
ومن الكتب التي تعين في معرفة أفضل كتب الفن، ما يسمى بـ (الكتب الوصفية) وهي التي تعنى بتوصيف كتب فنّ معين، تستقرئ قديمها وحديثها، ثم تقومه في ميزان النقل والتقويم الحق، فمثلاً في النحو تجد ـ مثلاً ـ كتاب " نشأة النحو " لطنطاوي.
الوصية الثالثة: ينبغي عند شراء الكتب أن تراعي أمور ثلاثة:
1 - أن يعلم أن تكوين مكتبة لطالب علم لا تأتي في عشية وضحاها في حال جملة الناس، وهناك صنف من الناس قد كساه الله بالثراء فله أن يفعل مكتبة في عشية وضحاها.
2 - إذا أراد أن يشتري كتاباً عاجلاً فليقدم نوعين من الكتب:
- الكتب الأصلية في فنها.
- ما يحتاجه من كتب في دراسة أو حلقة علم أو نحو ذلك.
3 - عند شراء المرء الكتاب لابد أن تراعى دور النشر التي ثمنها زهيد حتى يضع بقية النقود في كتب أخرى، وأن يتفقد الكتاب الذي اشتراه وخلوه من العيوب الطباعية، ثم يتأكد من هو الكتاب المطلوب لا غيره.
الوصية الرابعة: تتعلق بإعارة الكتب.
فينبغي ألا يكون الإنسان بخيل النفس، فيحبس الكتب عمّن يستعيرها منه، وهو يريد أن يأخذها لمعرفة وهو مستحق لذلك العطاء وهو واثق به، وهو أدب رفيع قلّ من تخلّق به.
إلا أن هناك شروطاً ثلاثة عند الإعارة:
1 - أن يكون المستعير مستفيداً من الكتاب الذي طلبه، ولا يكون متفكهاً بالطلب.
2 - أن تكون على ثقة من إرجاع الكتاب إليك من قبل المستعير منك.
3 - أن تُعَلّم كتابك بعلامة من العلامات حتى لا يذهب عنك، كإثبات ملكيتك له، أو وضع ختم لك ونحو ذلك.
وللاستعارة آداب حاصلها أربعة:
1. أن تصون الكتاب إن استعرته من غيرك.
2. الشكر لمن أعارك كتاباً.
3. ألا يطيل المرء بقاء كتاب عنه وقتاً طويلاً.
4. ألا يتصرف بالكتاب الذي استعاره بعد استئذان صاحبه.
آخر الوصايا: تتعلق بآداب متفرقات مع الكتب:
أولاً: صون الكتاب وحفظه من المعايب والمثالب.
ثانياً: مراعاة المكان الذي يوضع فيه الكتاب ونظافته ونزاهته.
ثالثاً: تتعلق بترتيب الكتب وفهرستها عند تكوين خزانة كتبية في بيت أو نحوه، فينبغي أن يرتبها المرء على حسب مقدار علومها.
رابعاً: كتابة الحواشي والتعليقات وفق آدابها المعتبرة، ومن ذلك:
- أن يكتب التصحيحات لخطأ مطبعي أو نحوه، على هامش الكتاب على جانبه ويضع بعدها (صح) كما هو هدي المحدثين.
- إذا قرأ كتاباً ثم أراد أن يقف ويرجع إليه من وقت لآخر فيكتب عند المكان الذي وقف عنده (بلغ) كما هو هدي المحدثين.
- إذا أراد أن يكتب فائدة على كلام مرّ عليه، أو جملة قرأها في كتاب، فيكتبها بادئاً بجهتها اليمنى، بادئاً من الحاشية، ثم يعلي الكتابة نحو أعلى الصفحة حتى إذا أراد أن يكتب شيئاً بعد ذلك السطر وجد له متسعاً وهي من الطرائق المستحسنة التي يفعلها المحدثون وغيرهم.
- وأن تكون بخط واضح.
قواعد لفهم كتب العلماء
? لا شك أن تصحيح مسار الفهم، وتصويب سبيل المعرفة أمر مهم جداً، ولذا كان حسن الفهم من أعظم النعم.
وجميع مايراد تفهمه يحصل بطريقتين:
الأولى: بيان المتكلم عن مراده ومفهومه.
والثانية: تمكن السامع من تفهُّم الشيء.
إلا أن الفهم له آفته كما أن للكتب آفاتها، فلا بد من قواعد تضبط ذلك، وهي كالتالي:
القاعدة الأولى: البنية المعرفية للقارئ لكتابٍ علمي تأصيلي لها أثرها الواضح في حسن الفهم لمصطلحات وأبواب ومسائل الكتاب.
ذلك أن مطالعة كتب المصنفين ومدوني الدواوين نافع في بابه بشروط، منها: فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب ومعرفة اصطلاحات أهله، وذلك يحصل أخذ العلم مشافهة عن العلماء أو مما هو راجع إلى ذلك، والكتب وحدها لا تفيد الطالب منها شيئا دون فتح العلماء وهو مشاهد معتاد.
القاعدة الثانية: الرجوع إلى المعروف من حال المصنف ومذهبه وحاله عن وجود عبارات مشتبهة في كلامه.
¥