ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[21 Aug 2010, 06:30 م]ـ
السلام عليكم،
ما صحة الحديث "إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ أو المسيء،
فإن ندم و استغفر الله منها ألقاها و إلا كتب واحدة " مع ذكر أسانيده، وهل عروة بن رويم كان كثير الإرسال ولم يثبت له سماع من القاسم أبي عبد الرحمان؟؟
فإن الحديث معروف من أن الشيخ الألباني رحمه الله رحمة واسعة قد حسنه، فالذي أريد معرفته من حيث الصناعة الحديثية وهو ان عروة بن رويم كان يرسل كثيرا وهل هذا الإرسال يجعله من قبيل الضعيف، ثم لم يعرف له سماع من القاسم أبي عبد الرحمان، فقط ما قول الأئمة في هذا من حيث اللقاء بين رويم والقاسم؟؟ لعلي إن لم أكن نسيت قال جعفربن محمد بن أبان الحراني: سمعت أحمد بن حنبل، ومر حديث فيه ذكر القاسم بن عبد الرحمان مولى يزيد بن معاوية قال:هو منكر لأحاديثه، متعجب منها، قال: و ما أرى البلاء إلا من القاسم ..
وقال أبو زرعة الدمشقي: ذكرت لأبي عبد الله ـ يعني أحمد بن حنبل ـ حديثا حدثنا به محمد بن المبارك املاه علينا في سنة ثلاث عشرة ومئتين قال: حدثنا يحي بن حمزة،عن عروة بن رويم، عن القاسم أبي عبد الرحمان قال: قدم علينا سلمان الفارسي دمشق، فأنكره أحمد و قال لي: كيف يكون له هذا اللقاء و هو مولى لخالد بن يزيد بن معاوية .. المجلد 7ص72من كتاب التهذيب الكمال. فأرجو من الشيخ أن يوضح لي هذا عمليا من حيث دراسة هذا السند ..
الجواب:
هذا الحديث له أربعة أسانيد:
الأول: أخرجه: الطبراني في " الكبير " (7765) وفي " الشاميين " , له (526)، وأبو نعيم في " الحلية " 6/ 124 من طريق إسماعيل بن عياش، عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن عروة بن رويم، عن القاسم ـ وهو ابن عبدالرحمن ـ أبو عبد الرحمان، عن أبي أمامة، به.
هذا إسناد شامي، وعليه فإنَّ رواية إسماعيل بن عياش تكون قوية، ولكن الحديث فيه بعض المآخذ. فمنها قال أبو نعيم: ((غريب من حديث عاصم وعروة لم نكتبه إلا من حديث إسماعيل))، وهذا يدلك على شدة فردية وغرابة هذا الإسناد، مع أنَّ رجاله فيهم بعض الكلام، إذا تجاوزنا الكلام في رواته، فإننا لا نستطيع تجاوز حالة الغرابة النسبية التي وصف بها هذا الطريق. ومنها أنَّ رواية عروة عن القاسم تكلم فيها الحافظ المزي رحمة الله وذلك أنَّه قال عقب ذكره القاسم ضمن شيوخ عروة: ((من طريق ضعيف)) (" تهذيب الكمال " 5/ 153 (4493)) ومنها أنَّ عروة موصوف بكثرة الإرسال، نقل المزي في المصدر السابق عن إبراهيم ابن مهدي المصيصي أنَّه قال ((ليت شعري إني أعلم عروة بن رويم ممن سمع، فإنَّ عامة أحاديثه مراسيل))، ولم يصرح بالسماع من شيخه (القاسم) لا في هذا الحديث ولا في غيره ولكن ليعلم أنَّ وفاة عروة سنة (135 هـ)، و أنَّ وفاة القاسم سنة (112 هـ). وكلاهما من بلاد الشام، فيكونا متعاصرين، ولكن الذي يمنع قبول عنعنة القاسم أنَّه موصوف بكثرة الإرسال، ولا يعرف له سماع من شيخه هذا، مع إننا لا نحكم باتصال الإسناد إلا في حال ثبوت التلاقي بين الرواة ولو لمرة واحدة من جملة الأحاديث. فهذه المآخذ تمنع وصف حديثنا هذا بالصحة.
وأما الطريق الآخر:
فهو ما أخرجه: هناد في " الزهد " (920)، والطبراني في " الكبير " (7971)، والبيهقي في "شعب الإيمان " (6648) ط. الرشد و (7049) ط. العلمية من طريق جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة، بنحوه. وهذا الإسناد تالف. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد " 10/ 208: ((رواه الطبراني، وفيه جعفر بن الزبير، وهو كذاب)).
وأما الإسناد الآخر:
أخرجه: الطبراني في " الكبير " (7787)، وفي " مسند الشاميين " (468) من طريق محمد بن أبي السري، عن الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، به.
ومحمد بن أبي السري ضعيف
وأما الإسناد الأخير:
فهو ما أخرجه: البيهقي في " شعب الإيمان " (6649) ط. الرشد و (7050) ط. العلمية من طريق المسيب بن شريك، عن بشر بن نمير، عن القاسم، عن أبي أمامة. وهذا إسناد مطّرح فيه المسيب بن شريك. راجع ترجمته في " ميزان الإعتدال " 1/ 406 (1502) وخلاصة هذه الطرق أنَّ الحديث ضعيف ولا يصح بحال، وقد ضعفه العراقي في تخاريج الإحياء.
وهاك أخي جواب ما سألت.
1 - بالنسبة لعروة، فإنَّ إرساله للأحاديث لا يقدح في ضبطه، ولا في عدالته، بل هو كما قال الحافظ (صدوق). ولكن يجب على الباحث إذا وجد راو وصف بالإرسال في الإسناد قيد الدراسة أن يضاعف الجهد ويلزم الحذر؛ لأنَّ احتمال الانقطاع في الحديث كبير، فلعل الراوي مارس في هذا السند أو ذاك ما وصف به. ونستطع من هذا الكلام أن نخرج بقاعدة: إنَّ الإرسال يؤثر في الرواية دون الراوي.
2 - أما بالنسبة إلى أقوال النقاد فلم أقف على مايثلج الصدر، إلا قول المزي، وقد تقدم أنَّه ضعّف الطريق إلى عروة.
3 - أما ما ذكرته من إنكار الإمام أحمد، فهذا لا يصلح أن يكون عامل تضعيف لرواية عروة، عن القاسم؛ لأنَّ الإمام أحمد حمل النكارة، على القاسم لا عن راويه.
4 - ولعل خير دليل على كلامي هذا ما ذكرته عن أبي زرعة الدمشقي بنقله عن الإمام أحمد أنَّه أنكر رواية القاسم، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه وأنكر قول القاسم: قدم علينا سلمان. والقاسم قال الحافظ عنه الحافظ: ((صدوق يغرب كثيراً)). ومما ينبغي التنبيه عليه أنَّ هكذا أسانيد التي توصف بالغرابة، ورواتها ممن تكلم فيهم تكثر في الكتب المتأخرة، وغالبها فوائد، لذلك يجب على الباحث الحذر، وأن يتروى قبل أن يحكم على مثل هذه الأسانيد. وقد قيل ((التنقية قبل التقوية))، والله أعلم.
الجواب:
http://www.hadiith.net/montada/showt...5914#post35914
¥