وكما علمتنا شريعة الرحمان كيف نستغفر للغير، أرشدتنا ونبهتنا الى أناس لا يستغفر لهم، لأن خلق الاستغفار للآخر لا يصل إلا لمن رضي عنه ربه، ولكنه مع ذلك محصور بين المسلمين، لا يلج بابه المنافقون والمشركون، حيث قال سبحانه في بيان منعه على المنافقين:" الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم، استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم، ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين ". التوبة: 79 - 80.
قال ابن كثير: " يخبر تعالى نبيه (صلى الله عليه وسلم) بأن هؤلاء المنافقين ليسوا أهلا للاستغفار وأنه لو استغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ". [21] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn21)
- أما منعه على المشركين فقال سبحانه:" ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم، وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم " التوبة /113.
وأخرج البخاري عن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره: أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أمية بن المغيرة، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأبي طالب: يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله. فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرضها عليه ويعودان بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك. فأنزل الله تعالى فيه " ما كان للنبي ... " الآية". [22] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn22)
هذا هو الاستغفار للغير، وهكذا تعامل معه السلف الصالح، وعلى هذا الخلق الحسن تربوا وربوا غيرهم.
لكن يا ترى كيف هي سيرتنا مع بعضنا، أنرد الحسنة بمثلها أم بضدها؟.
كيف نتعامل مع من يسيء إلينا؟ أنرد السيئة بمثلها، أم بالزيادة عليها، أم بالاستغفار لصاحبها؟.
لا بأس على أية حال، لعلنا نسينا أو لم نكن نعرف، وقد حصل لنا التذكر فحي على العمل، وعلى تغيير السلوك من فعل قبيح الى فعل حسن، ولنتخلق بأخلاق حبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي علمنا حب الخير لأنفسنا ولغيرنا.
د/أحمد العمراني
جامعة شعيب الدكالي- الجديدة- المغرب
[1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref1) - الأدب المفرد//138 .. بسند صحيح.
[2] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref2) - صحيح البخاري ج/1/ 14/13 وصحيح مسلم كتاب الايمان رقم:45
[3] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref3) - أخرجه البخاري رقم:2728.ومسلم رقم:2498
[4] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref4) - مسند أحمد بن حنبل 5/ 392/23378. تعليق شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح.
[5] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref5) - الجامع الصغير وزيادته 1/ 383/3827.
[6] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref6) - مسند الشاميين:2/ 382/1543.
[7] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref7) - صحيح الجامع:3753
[8] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref8) - صحيح ابن ماجة 146/ 195 - 135.
[9] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref9) - الجامع الصغير وزيادته 1/ 1066/10655.
[10] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref10) - المعجم الكبير 9/ 233/9144.
[11] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref11) - الجامع الصغير وزيادته:1/ 617/
[12] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref12) - الجامع الصغير وزيادته: 1/ 95/947
[13] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref13) - صحيح مسلم 2/ 656/63 - 951
[14] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref14) - صحيح سنن ابن ماجة 1/ 178/886.وصحيح ابي داود/980.
[15] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref15) - صحيح البخاري:2/ 942/2518
[16] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref16) - المعجم الكبير 12/ 372/13383
[17] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref17) - هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه تعليق الذهبي قي التلخيص: لم يحتج مسلم بمبارك، وأخرجه الطبراني في الكبير:5/ 58/4577. المستدرك 2/ 188/2718 وذكره الألباني مختصرا في الصحيحة:8/ 152/3145.بلفظ: يا ربيعة ما لك وللصديق؟ قلت: يا رسول الله كان كذا كان كذا قال لي كلمة كرهها فقال لي: قل كما قلت حتى يكون قصاصا [فأبيت] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجل فلا ترد عليه ولكن قل: غفر الله لك يا أبا بكر".
[18] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref18) - المستدرك 3/ 441/5675
[19] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref19) - المستدرك للحاكم وصححه: 4/ 284/7655تعليق الذهبي قي التلخيص: غريب.
[20] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref20) - الجامع لأحكام القرآن القرطبي:7/ 306
[21] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref21) - تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2/ 493
[22] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref22) - صحيح البخاري 1/ 457/1294