تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

التقوى هي مقياس الأفضلية عند الله بين بني البشر لقوله (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع: " يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، ألا وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى ". [3] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn3)

وهي سلوك مكتسب حيث سئل عنها أبو هريرة فقال: " هل أخذت طريقا ذا شوك قال: نعم فكيف صنعت؟ قال: إذا رأيت الشوك عزلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه، قال: ذاك التقوى " .. [4] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn4)

وقد أخذ هذا المعنى ابن المعتز فقال:

خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى

واصنع فوق أرض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى. [5] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn5)

ولخص صفاتها الإمام علي رضي الله عنه فقال: " هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل ". ..

ولو شئنا الوقوف عند هذه الخصال لما وسعتنا هذه الورقات، ولا ما في حوزتنا من أوقات، ولو شئنا أيضا التفصيل في الشروط الأربعة لأطلنا كثيرا رغم وضوحها. لأن شرطي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل هما ما ندندن حوله في هذه الصفحات، إذ لو حصل الخوف من الجليل لأمننا الله من كل ما نخافه ولأصبح الكل يخافنا، ولو تم العمل بالتنزيل لحصلت للأمة السكينة والطمأنينة.

ولكن ما لا يتم الإفهام إلا به فتفهيمه بإبلاغه واجب، ولا يسعني وأنا أتحدث عن أسباب النصر إلا أن أركز على هاته الخصال الأربع ولو بقليل من التفصيل غير الممل.

-الخوف من الجليل:

صفة تؤدي الى البناء الأكيد، والتمكين الرشيد على هذه البسيطة، يؤكد ذلك خبر السماء الذي جاء به القرآن في قوله تعالى: " وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين، ولنسكننكم الارض من بعدهم، ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيدي " (ابراهيم/14).

حيث وعد الله عباده -إذا أراد الأعداء إخراجهم من ديارهم وتحريفهم عن ملتهم - أن يهلك الظالمين ويسكن الصالحين أرضهم، وذلك كله مشروط بالخوف من الله والخوف من وعيده.

فعن أي خوف يمكن الحديث، وكيف عرفه السلف الصالح، بل كيف مثلته النصوص ليتمثلها الرواحل؟.

الخوف من الله هو استحضار مراقبته وعلمه المطلق بكل صغيرة وكبيرة وعقابه الشديد، فيتحقق بهذا الخوف العمل الصالح والابتعاد عن العمل الفاسد وعدم الظلم وعدم إيذاء الناس بالأقوال والأفعال. لقول الله تعالى: " وإياي فارهبون " (البقرة/40) ..

الخوف من الله يحقق الجلوس في ظل الله كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): " سبعة يظلهم الله في ظله " ومنهم: " رجل دعته امرأة ذاب منصب وجمال فقال إني أخاف الله ". [6] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn6)

إنه جواب صعب مستمد من قوة إيمان وقوة مراقبة وقوة إحسان، ومتانة تقوى، وشدة حياء.

جواب ينبئ عن سمو المرتبة وكمال الانسانية.

فكل أمر حرمه الله إلا وجعل في مقابله من الحلال الشيء الكثير، فقد حرم الزنا وأحل الزواج ليغض به البصر ويتحصن به الفرج، وأمر غير المتزوج بالصوم وغض البصر وأمر بالستر وعدم التبرج حتى لا يقع المسلمون في الحرام، ولكن عجيب أمر الناس اليوم أغلبهم يعشق الحرام، يخشون الناس ولا يخشون الله، يستحضرون الخطر الذي يتهددهم في الدنيا ولا يستحضرون عقوبة الآخرة، فسائق السيارة مثلا يتوقف عند الضوء الأحمر لاستحضاره خطر تجاوزه، أو الغرامة التي يمكن أن تلحقه بفعل ذلك، ولكن المقترب من الحرام لا يستحضر وقوفه أمام ربه يوم الموقف العظيم، كما لا يستحضر حمرة النيران وخطرها الموصوف في جملة أحاديث منها: قوله (صلى الله عليه وسلم): " يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ". [7] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn7) وقوله: " إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا، وإنه لأهونه عذابا ". [8]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير