تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فلا يمكن علاج ذلك ولا التخلص منه إلا أن يتذكر الإنسان قول الله تعالى: " وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىّ أَرْضٍ تَمُوتُ ". (لقمان/34)، وقوله صلى الله عليه وسلم: " أكثروا من ذكر هادم اللذات: الموت" [27] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn27).

ولقد كان السلف الصالح يكثرون من ذكر الموت حتى في أوقات الصفاء، وأيام السرور، وكان ذلك يبعثهم إلى الجد في طاعة الله، والبعد عن مساخطه.

-لما تولى عمر بن عبد العزيز، وخطب خطبة الخلافة، ثم ذهب يتبوأ مقيلا فأتاه ابنه عبد الملك بن عمر فقال: يا أمير المؤمنين ماذا تريد أن تصنع؟ قال: أي بني أقيل، قال: تقيل ولا ترد المظالم؟. قال أي بني: قد سهرت البارحة في أمر عمك سليمان فإذا صليت الظهر رددت المظالم. قال: يا أمير المؤمنين من لك أن تعيش إلى الظهر؟. قال: ادن مني أي بني فدنا منه فالتزمه وقبل بين عينيه، وقال: الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني، [ ... ] وأمر مناديا له أن ينادي، ألا من كانت له مظلمة فليرفعها [28] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn28).

- وعن داود بن مورع قال أتينا عطاء السليمي وكان عابدا فدخلنا عليه فجعل يقول ويل لعطاء، ليت عطاء لم تلده أمه وعليه مدرعة، فلم يزل كذلك حتى اصفرت الشمس فذكرنا بعد منازلنا فقمنا وتركناه، وكان يقول في دعائه: اللهم ارحم غربتي في الدنيا وارحم مصرعي عند الموت وارحم وحدتي في قبري وارحم قيامي بين يديك. [29] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn29)

- ودخل المزني على الشافعي رحمة الله عليهما في مرضه الذي توفي فيه فقال له كيف أصبحت أبا عبد الله؟. فقال: أصبحت من الدنيا راحلا وللإخوان مفارقا ولسوء عملي ملاقيا ولكأس المنية شاربا وعلى الله تعالى واردا ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها أم إلى النار فأعزيها ثم أنشأ يقول:

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ****جعلت رجائي نحو عفوك سلما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته ****بعفوك ربي كان عفوك أعظما

فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل ****تجود وتعفو منة وتكرما

ولولاك لم يغوي بإبليس عابد ****فكيف وقد أغوى صفيك آدم [30] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftn30)

ومن تأمل في الموت علم أنه أمر كبّار، وكأس تدار، على من أقام أو سار، يخرج به العباد من الدنيا إلى جنة أو نار، ولو لم يكن في الموت إلا الإعدام وانحلال الأجسام ونسيان أجمل الليالي والأيام لكان والله لأهل اللذات مكدرا. ولأصحاب النعيم مغيراً ..

وليست المشكلة في الموت، فالموت باب وكل الناس داخله، لكن المشكلة الكبرى والداهية العظمى ما الذي يكون بعد الموت.

ولست أدري كيف يدرك أو يُحصل الانسان التقوى دون استحضار هيبة الموت، لأننا نرى ونشاهد بأم أعيننا من يحضر مع الجنازة الى المسجد، لأن الميت قريب له أو صديق، لكنه لا يدخل للصلاة عليه، لأنه لا يصلي.

فهل استحضر هذا المتخلف عن الصلاة مصيبة الموت؟

هل وضع نفسه موضع الميت أمامه،؟.

بالتأكيد لا، إذ لو حصل هذا لكان أول من يلج باب المسجد، فمن لم يكن الموت له واعظا، فلا واعظ له.

ومن استحضر هيبتها ووقوعها، وما سيحصل بعدها، تحققت له التقوى.

هذه إشارات حول الموت، كنقطة أساسية في استحضار التقوى والبحث عن اكتسابها وتملكها، ما أحوج المسلم أن يفقهها ويعيش لأجلها عسى الله أن يتم البناء سريعا مكينا كما وعد الحق في كتابه الكريم.

[1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref1)- الدر المنثور للسيوطي في التفسير المأثور:1/ 575.

[2] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref2)- مسند احمد رقم الحديث:16112. وصحيح الجامع: رقم:6706.

[3] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref3)- مسند احمد رقم:23643، والمعجم الكبير:18/ 12.، وصحيح الترغيب:3/ 79/2963.

[4] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=13#_ftnref4)- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي:1/ 161، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير:1/ 41.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير