[الشرط والاسم الموصول]
ـ[أبوأيمن]ــــــــ[22 - 06 - 2004, 12:09 م]ـ
أساتذتي الكرام
في الجملة: من يجتهدْ ينجحْ
هل يمكن أن نقول أن اسم الشرط "من" اسم موصول؟ حيث أجد إمكانية إبداله ب"الذي" مع رفع الفعلين؟
وهل عند إبداله تبقى الجملة شرطية؟ حيث أجدها متضمنة لمعنى الشرط؟؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا
ـ[حازم]ــــــــ[23 - 06 - 2004, 10:01 ص]ـ
وكلُّ امرئٍ يُولِي الجميلَ مُحَبَّبُ && وكلُّ مكانٍ يُنبِتُ العِزَّ طَيِّبُ
الأخ الأستاذ / أبا أيمن
أشكرك - أخي – شكراً جزيلاً على مشاركاتك المميَّزة، والتي أجدني دائمًا أني تعلَّمتُ منها شيئًا جديدًا.
مَن يجتهدْ ينجحْ
في هذا التركيب المشتمل على فعل الشرط وجوابه: لا يتحقق معنى الجواب ويحصل إلا بعد تحقق معنى الشرط وحصوله.
إذ لا يتحقق المشروط إلا بعد تحقق شرطه، سواءً كان الشرط سببًا في وجود الجواب والجزاء، نحو: إن تطلعِ الشمسُ يختفِ الليلُ.
أم غير سبب، نحو: إن كان النهارُ موجودًا، كانتِ الشمسُ طالعةً.
أمَّا قولك: مَن يجتهدُ ينجحُ
هذه (مَن) الموصولة الجزائية بمعنى (الّذي)، وحينئذٍ يرتفع ما بعدها،
نحو: (مَن يأتيني آتيه)، كما قال سيبويه، وعلى ذلك قول الفرزدق:
ومَن يميلُ أمالَ السيفُ ذِرْوتَهُ && حيثُ التقى مِن حِفافَيْ رأسهِ الشَّعْرُ
و (مَن) الموصولة، ليس فيها تعليق شيء على آخر، وإنما تدلّ على مجرّد الإخبار المطلق، ولا تجزم.
يبقى النظر – أستاذي – في الإشارة إلى نوع الأسلوب على كلا المعنيين، وهذا أتركه لذوي الاختصاص في علم البلاغة، ليفيدونا مشكورين على نوع كلِّ أسلوب.
وللجميع تحياتي وتقديري
أخوك
حازم
ـ[موسى 125]ــــــــ[23 - 06 - 2004, 02:09 م]ـ
الأستاذ حازم .... السلام عليكم
في قولك (منَ يجتهدُ ينجحُ) قلت إنها تعتبر اسم موصول .. وما أراه أنا أنها لا زالت تحمل معنى الشرط ... فحبذا لو تشرح أكثر .. ولك الشكر
ـ[حازم]ــــــــ[24 - 06 - 2004, 10:06 ص]ـ
أعَزُّ مكانًا في الدُّنا سَرجُ سابحٍ && وخيرُ جَليسٍ في الزمانِ كِتابُ
أستاذي الفاضل / موسى
أغبطك على ذوقك النحوي الرفيع، وعلى ملاحظتك الدقيقة في تمييز المعاني، زادك الله علمًا وتوفيقًا، ونفع بك وبعلمك، ولا زال شكري العميق موصولاً للأستاذ / أبي أيمن، لطرحه هذا الموضوع ابتداء.
صدقتَ – أستاذي موسى – فيما قلت، حيث إنك لازلتَ ترى أنَّ الجملة شرطية.
وقبل أن أبسط الكلام عن هذا الموضوع – مستعينًا بالله – أودُّ أن أشير إلى أنَّ لكلمة (مَنْ) عدّة معانٍ:
فتكون اسم استفهام، نحو قوله تعالى ((قالوا يا ويْلَنا مَن بعثنا مِن مرقَدِنا)) سورة يس، آية 52.
وتأتي اسم استفهام بمعنى النفي، نحو قوله تعالى: ((ومَن يَغفِرُ الذنوبَ إلاَّ اللهُ)) سورة آل عمران، آية 135.
وتأتي اسم موصول، قال تعالى: ((قُلْ كَفَى باللهِ شَهيدًا بينِي وبَينكُمْ ومَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتابِ)) سورة الرعد، آية 43.
وتأتي اسم شرط جازم، وهي مِن أدوات الجزاء، نحو قوله تعالى: ((ومَن يتَّقِ اللهَ يَجعلْ لهُ مَخْرَجًا)) سورة الطلاق، آية 2.
وقد تكون (مَن) الجزائية بمعنى (الذي)، إذا قصدتَ بها ذلك، فتتضمَّن الجملة شرطًا وجزاءً.
فإن قال قائل: كيف أميِّز بين الشرطية الجازمة والجزائية الموصولة؟
أقول: إعراب الفعل بعدها يكشفُ ذلك، فإن كان الفعلُ مجزومًا، دلَّ على أنها شرطية.
وإن ارتفع بعدها كانت موصولة جزائية، وقد سبق التمثيل للجزائية ببيت الفرزدق، وكذلك سبق التنويه إلى الفرق بينهما من جهة المعنى.
ورائحة الشرط – التي ذكرتَها - يأتي أيضًا في الجملة التي تشتمل على اسم موصول غير (مَنْ)، تأمَّل قوله تعالى: ((الذينَ يُنفِقونَ أموالَهُم بالَّيلِ والنَّهارِ سِرًّا وعلانيةً فَلهم أجرُهُم عِندَ ربِّهِم)) البقرة 274.
الفاء في كلمة (لهم) زائدة، للدلالة على سببية ما قبلها لِما بعدها، ولِما في الموصول من رائحة الشرط.
وقال القرطبيُّ: " وَدَخَلَتْ الْفَاء فِي قَوْله تَعَالَى: (فَلَهُمْ) لأَنَّ فِي الْكَلام مَعْنَى الْجَزَاء "، انتهى كلامه – رحمه الله -.
وقال أبو محمد مكِّي القيسيُّ، في كتابه " مشمل إعراب القرآن ": " ودخلتِ الفاءُ لِما في (الذينَ) من الإبهام، فشابه بإبهامه الإبهام الذي في الشرط، فدخلت الفاء في خبره، على المشابهة بالشرط، وإنما تشابه الشرط إذا كان في صلته (فِعلٌ)، نحو: (الذي يأتيني فله درهمٌ) , انتهى كلامه.
ولْيُعلَم أنه قد لا تتضمَّن الجملة معنى الشرط بوجود (مَن) الموصولة، كما في قول حسّان بن ثابتٍ – رضيَ اللهُ عنه -:
فَمَنْ يَهجُو رسُولَ اللهِ مِنكمْ && ويمدحُهُ وينصُرُهُ سَواءُ
ولهذا لم تدخل (الفاء) على الخبر (سواءُ).
أرجو أن لا أكون قد ابتعدتُ عن استفساركم، وأن يكون في هذا إدراك الإجابة، والله تعالى أعلم.
وللجميع خالص تحياتي وتقديري
أخوكم
حازم
¥