تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الترادف ومصادره]

ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[18 - 08 - 2004, 02:53 م]ـ

الترادف اللغوي ومصادره

إن مما امتازت به لغتنا العربية من خصائص " المترادفات "، وهي بحر زاخر لا يُسبر غوره ‘ ولا تُحصى درره.

ومن مزايا المترادفات أنها تعين على إفراغ المعنى في قوالب متعددة ‘ ونظمها في سلك من البلاغة، ولا تنكر مزاياها في النظم والنثر، فبتعددها يسهل تخير ما طابق المعنى، فيأتي الكلام جزلا بليغا.

ويعد الترادف مظهر إثراء في اللغة ‘ فهو حشد لغوي تترادف فيه الألفاظ ‘ وتتوالى على المعنى الواحد.

وشواهد الترادف في اللغة كثيرة، ومتنوعة تشمل الأعلام، والأفعال، والصفات، والحروف.

وهذه الكثرة، وذلك التنوع في المترادفات العربية استدعى انتباه اللغويين على مر العصور، وأثار دهشة المستشرقين، فللماء مائة وسبعون اسما، وللسيف ألف اسم، وللداهية ما لا يحصى من الأسماء حتى قيل: " أسماء الدواهي من الدواهي"، والكلام عن المترادفات يستدعي البحث عن مصادرها وهي خمسة مصادر:

المصدر الأول: التساهل في العزو:

فقد يختلف اللفظ من حي إلى حي، ويتحد المدلول عند الحيين جميعا، حتى إذا ظفر الرواة باللفظين في الحيين من أحياء القبيلة الواحدة، سجلوهما للمعنى الواحد، دون أن يعنوا في الكثير من الحالات إلى الاختلاف في الاستعمال بين الحيين.

وحين رأى المتأخرون الكلمات المتعددة ترد على المعنى الواحد، دون إشارة على مصادرها، جعلوها مترادفة، كما لو كانت قد وردت على لسان المتكلم الواحد.

المصدر الثاني: إثبات المهجور:

وذلك لأن الرواة لم يهجروا المهجور، وربما أهملوا الإشارة إلى بعض المهجور أنه مهجور، فكانوا إذا ورد المهجور في شعر جاهلي احتفظوا به، وقيدوه، ووضعوه موضع المستعمل، فبقي في المعاجم مرادفا للمستعمل.

فشغل الدارسون به أنفسهم، وجعلوه مظهرا من مظاهر الترادف.

المصدر الثالث: الحقيقة والمجاز:

فاللفظ قد ترد عليه الحقيقة والمجاز، لأنه من المعروف أن ألفاظ اللغة متناهية، وأن المعاني غير متناهية، فمن المحال أن تستطيع لغة ما أن تقدم لفظا منفصلا لكل معنى يرد على الخاطر، ولأن الذاكرة الإنسانية ذات طاقة اختزانية معينة لا تمكنها من استيعاب ما لا يقع تحت الحصر من الألفاظ.

فإذا كان ذلك كذلك؛ فلا بد من التوسع قي استعمال اللفظ بأن نجوز به معناه الحقيقي الذي كان له بأصل الوضع، ونستعمله بواسطة هذا " الجواز " أو "المجاز" في معنى آخر تطبيقا لفكرة الاقتصاد في الاستعمال اللغوي، وأي اقتصاد أفضل من أن تعبر بالقليل من الألفاظ عن الكثير من المعاني؟!.

كل ما هنالك أن هذا المجاز مشروط دائما بوجود العلاقة والقرينة. وهكذا يمكن للفظين أن يستعملا لمعنى واحد يكون أحدهما مستعملا على سبيل الحقيقة، والآخر على سبيل المجاز، كما يمكن أن يكون كلاهما على سبيل المجاز، فإذا اشتهر هذا المجاز على الألسنة لصق المجاز باللفظ حتى صار كالحقيقة فيه، فإذا دل لفظ آخر بالحقيقة على هذا المعنى عد اللفظان مترادفين.

المصدر الرابع: التوليد والتعريب:

التوليد والتعريب يحمل أحيانا اللفظ القديم ولكنه لا يميته، فيظل المولد والمعرب، ويستعمل على لسان طبقة من طبقات المجتمع، ويظل اللفظ القديم يستعمل على ألسنة الطبقات الأخرى، فلا يجد اللغوي مفرا من اعتبار اللفظين: القديم والمولد مترادفين، دون أن يعنى بذكر الفروق الاجتماعية في استعمالهما، وهذا شبيه بإهمال الفروق الجغرافية بين اللهجتين.

المصدر الخامس: تاريخ التدوين والكتابة العربية:

يعود تاريخ الكتابة العربية التي كانت في فترة من هذا التاريخ تسمح بالكثير من التصحيف الذي يؤدي بدوره إلى إيجاد الألفاظ الجديدة التي تؤخذ بنفس معاني الكلمات القديمة، فتصبح مرادفة لها، ويتضح هذا في المترادفات التي يتحد رسمها ويختلف نطقها كما في " ناض " و " ناص " وكلاهما بمعنى تحرك.

والآن نورد مجموعة مما ظُن أنه من المترادفات، مع بيان ما بينها من فروق:

التضاد والتناقض:

التناقض يكون في الأقوال، والتضاد في الأفعال.

الكذب والإفك:

الكذب: اسم موضوع للخبر الذي لا مخبر له على ما هو به ‘ سواء أكان فاحش القبح أم لا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير