تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[عظيم قدر سيبويه]

ـ[ابراهيم]ــــــــ[22 - 09 - 2004, 02:57 ص]ـ

[عظيم قدر سيبويه]

هذا فصل نقلته من كتاب العلامة محمود شاكر رحمه الله "المتنبي رسالة فى الطريق الى ثقافتنا"

قال الشيخ محمود شاكر:

ومع ذلك فقد كنت أتوهم فى سنة 1935 حين فرغت من إجراء منهجى فى تذوق الشعر على كل كلام غير الشعر أنى قد سبقت الى ذلك حتى كانت سنة 1956 أى بعد أكثر من عشرين سنة حين طبعت"الرسالة الشافية" للإمام الجرجاني (عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني المتوفى سنة 474 تقريبا) فوقفت على فصل نفيس جدا كتبه الإمام الجرجانى الكبير هو أوضح ما قرأته قط فى إجراء التذوق علي كل كلام فى كل علم مهما ظننت أنه أبعد علم من إجراء التذوق عليه وكلام هذا الإمام الجليل وإن لم يكن صريحا كل الصراحة فى الدلالة على منهجى إلا أنه أشبه شئ به و"الرساله الشافية" رسالة فى إعجاز القرآن من غير الوجه الذى بنى عليه كتابه"دلائل الإعجاز" وهذا الفصل من الرسالة بيان لحال المعانى "وأن الشاعر يسبق فى الكثير منها الى عبارة يعلم ضرورة أنها لا يجئ فى ذلك المعنى إلا ماهو دونها ومنحط عنها حتى يقضى له بأنه غلب عليه واستبد به" وذكر أشعارا قد بلغت الغاية فى معناها ولم يبق لطلب بعدها مطلب ثم قال (ص: 604/الفقرة:29):

"وكذلك السبيل فى المنثور من الكلام فإنك لا تجد متى شئت فصولا تعلم أن لن يستطاع فى معانيها مثلها فمما لا يخفى أنه كذلك قول أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضوان الله عليه"قيمة كل امرئ ما يحسنه" وقول الحسن البصرى رحمة الله عليه:"ما رأيت يقينا لا شك فيه، أشبه بشك لا يقين فيه من الموت" ولن تعدم ذلك إذا تأملت كلام البلغاء ونظرت فى الرسائل"

ثم قال عبد القاهر بعقب ذلك مباشرة= وهنا موضع الاستدلال وفيه نظر جيد ظاهر الجودة والبراعة والتيقظ:

"ومن أخص شئ يطلب ذلك فيه، الكتب المبدأة الموضوعة فى العلوم المستخرجة، فإنا نجد أربابها قد سبقوا فى فصول منها الى ضرب من النظم واللفظ، أعيا من بعدهم أن يطلبوا مثله أو يجيئوا بشبيه لها، فجعلوا لا يزيدون على أن يحافظوا تلك الفصول على وجوهها ويؤدوا ألفاظهم فيها على نظامها وكما هى وذلك مثل قوله سيبويه فى أول الكتاب، (2:1):

"وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء وبنيت لما مضى وما يكون ولم يقع وما هو كائن لم ينقطع"

="لا نعلم أحدا أتى فى معنى هذا الكلام بما يوازنه أو يدانيه ولا يقع فى الوهم أيضا أن ذلك يستطاع. ألا ترى أنه إنما جاء فى معناه قولهم:"والفعل ينقسم بأقسام الزمان، ماض وحاضر ومسقبل" وليس يخفى ضعف هذا فى جنبه وقصوره عنه.

ومثله قوله (أى قول سيبيوه أيضا فى الكتاب 15:1):"كأنهم يقدمون الذى بيانه أهم لهم وهم بشأنه أعنى وإن كانا جميعا يهمانهم ويعنيانهم"،= وإذا كان الأمر كذلك، لم يمتنع أن يكون سبيل لفظ القرآن ونظمه هذا السبيل، وأن يكون عجزهم عن أن يأتوا بمثله فى طريق العجز كما ذكرنا ومثلنا"، انتهى كلام عبد القاهر.

فهذا الإمام البارع اليقظ لم يجد= وهو يعالج قضية إعجاز القرآن العظيم، ويمارس تطبيق فكرنه المبتدعة التى سبق بها الناس، وهى قضية"اللفظ والنظم"، وهما عمود مذهبه فى إعجاز القرآن وفى البلاغة والكلام البليغ= لم يجد غضاضة فى تطبيق فكرته فى الإعجاز، على حد من حدود"الفعل"، وهو الحد الذى كتبه إمام النحو سيبويه، ولم يستنكف أن يجعله قريبا للكلمات الجامعة الشريفة، التى يهدى إليها شاعر مبين أو ناثر بليغ، ولم يتوقف فى الحكم عليها بأنها من الكلمات الشريفة الجامعة، مما لا يقع فى الوهم أن أحدا يستطيع أن يأتى فى هذا المعنى بكلام يوازنها أو يدانيها، وأنها كلام بين قد بلغ الغاية فى البيان،"ولم يبق لطلب بعده مطلب".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير