[تحليل نحوي لبعض الأبيات الشعرية]
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[18 - 08 - 2004, 02:50 م]ـ
أخي جاوز الظالمون المدى .... فحق الجهادُ وحق الفدا
تبوأ العربي أشرف المنازل والرتب وأعلاها حينما شرف نفسه بالانتماء للإسلام .. وهكذا ارتبطت عزة العربي بعزة دينه ..
وفي ظل واقع يرى التدين بالإسلام - مصدر العزة والكرامة – جريمة لا يستحق صاحبها الحياة، وتقاعس المسلمين في الذود عن محرماتهم ومقدساتهم ودينهم وأعراضهم ..
تنطلق صرخة الشاعر مخاطبا الإنسان العربي فينزله منزلة النصب حين جعله منصوبا على النداء؛ ليلفت نظره إلى أنه لم يعد يحتل تلك المنزلة العالية والدرجة الشريفة منزلة العزة والشرف بل تنازل عنها بتقصيره وإهماله ولكنها منزلة متوسطة فهو لا يزال في منزلة النصب وهناك الفرصة مواتية للنهوض واسترجاع المكانة أو التراجع والتخلي عن هذه المنزلة أيضا إلى ما دونها وهو الجر.
ولكن ما الخبر؟
الظالمون ويقصد بهم الصهاينة اليهود الذين كتب الله - تعالى- عليهم الذلة والصغار في الأرض تجاوزوا الحد المرسوم لهم حتى وضعوا أنفسهم في منزلة ومكانة لا يستحقونها وهي الرفع ز وعامل الرفع هو الفعل (تجاوز) مما يدل صراحة على عدم استحقاقهم لها.
ولكن هناك أمرا رفيعا شريفا لا يزيد المؤمن إلا تشريفا وتعظيما وهو الجهاد الذي يستوجب نصر الله والعزة في الدنيا، والنعيم في الآخرة.
وهنا قابل الشاعر بين مرفوعين: الظالمين والجهاد، ثم بين أن رفع الظالمين تجاوز وتزييف، ورفع الجهاد حق وأصل = (جاوز المعتدون – حق الجهاد). ومما يدل على ذلك أيضا أن علامة الرفع في الجهاد أصل وهي الضمة، بينما علامة الرفع في الظالمين فرع وهي الواو.
أنتركهم يغصبون العروبةَ .... مجد الأبوٌةِ والسؤددا
يقول الشاعر إننا أحق بمنزلة الشرف والرفع، لكن بعد أن نكون فاعلين لنسترجعها من الصهاينة الظالمين وننزلهم المنزلة التي يستحقونها (أنتركهم)، وهذا أمر ضروري؛ لأن الحصول على المكانة الشريفة لا يكون إلا باستردادها منهم لا بشيء آخر؛ لأن اليهود تحصلوا عليها اغتصابا منا (يغصبون العروبة) فقد احتلوا هذه المنزلة وصاروا فاعلين حين اغتصبوا العروبة وجردوها منها وأنزلوها منزلة المفعول.
هنا يستوقفنا الشاعر لنتحقق من أصل مكانتهم وكيف سلبت من العروبة.
نعم العروبة التي هي مجد الأبوة والسؤدد اللذين تغيرا وصارا سرابا لا وجود له؛ بل هما إباء ذل، وسؤدد عبودية؛ إذ كيف يكون إباء مجرورا وسؤددا مجرورا؟
وليسوا بغير صليلِ السيوفِ .... يجيبون صوتاً لنا أو صدى
هنا جعل الظالمين اسما للفعل الناسخ الناقص الجامد الذي يحمل معنى النفي؛ ليدلل على أن هذه المنزلة زائلة منتفية عنهم، وذلك بعد أن تذل سيوفنا وتكسر في معركة فاصلة تبيدهم وتقضي عليهم، عند ذلك سيكونون فاعلين لكن فيما يقلل من مكانتهم. نعم سيكونون فاعلين كالعبد يمتثل ما يأمره به سيده (يجيبون صوتا لنا أو صدى).
فجرد حسامَك من غمدِه .... فليس له بعد أن يغمدا
يطلب الشاعر إلى الإنسان العربي ويدعوه أن يعمل من أجل عزة نفسه وشرفه (فجرد) كن فاعلا واحمل سلاحك وانصبه في وجه أعدائك. فما الغمد سوى مكان ذل وضعة له (من غمده) حينها ستنتفي عنه المهانة والذل (فليس له) = الفعل الناقص ينفي جر الضمير.
وسيحتل أعلى المراتب والمنازل وأشرفها (يغمدا).
أخي أيها العربيُ الأبيُ .... أرى اليوم موعدنا لا الغدا
هنا يعود الشاعر لمناداته وتذكيره بمكانته الحالية المتوسطة ويثبت له حين ناداه (بأيها) وجعله معرفا مبنيا على الضم أن التعريف دليل على أن جوهره وحقيقته شريفة سامية وهو أجدر بالرفع. أما البناء على الضم ففيه تحذير من الانخداع بالمظاهر ومغالطة الواقع والحقائق؛ فهو وإن كان في ظاهره الرفع والسمو إلا أن ذلك مجرد حركة بناء والمحل والمكانة النصب والتوسط.
أخي إن في القدسِ أختاً لنا .... أعد لها الذابحون المدى
لا يزال الشاعر يذكٌر العربي بمنزلته التي فرضت عليه أو فرضها هو على نفسه وواقعه، ويستنهضه بإثارة عاطفته الدينية أولا، ونخوته وكرامته ثانيا فمقدساته التي يرمز لها بالقدس قد ذلت وجرت (في القدس) ,أعراض المسلمين انتهكت وفعل بها ما فعل (أختا)، (لها).
وعاث هناك المعتدون تخريبا وتدميرا حتى آل الأمر إليهم واصبحوا أهل الأمر والنهي.
أخي قم إلى قبلةِ المشرقين .... لنحمي الكنيسةَ والمسجدَا
فقم لتغيير واقعك، قم لتكون فاعلا؛ لتنقذ قبلة المشرقين مما حل بها من ظلم وفساد وذل وصغار.
قم لتعيد للمقدسات ,أماكن العبادة - الكنيسة والمسجد- شيئا من مكانتها بعد أن ذلت وجرت ..
ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[26 - 10 - 2005, 02:13 م]ـ
المشاركة للتقييم وإبداء الرأي.