وجاء في " الهمع ": وتزاد إذ للتعليل خلافًا للجمهور، وهي حرف بمنزلة لام العلَّة، وقيل ظرف، والتعليل مستفاد من قوة الكلام لا من اللفظ.
وأمَّا " إذا ": وهي ظرف للمستقبل، مضمَّنة معنى الشرط غالبًا، ومن ثَم وجب إيلاؤها الجملة الفعلية ولزمت الفاء في جوابها، نحو قوله تعالى: ((إذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ)) إلى قوله ((فَسَبِّحْ)) سورة النصر "1 ".
وقد لا تُضمَّن معنى الشرط، بل تتجرد للظرفية المحضة، نحو قول الله تعالى: ((والَّيلِ إذا يَغشَى، والنهارِ إذا تَجلَّى)) سورة والليل "1" وقوله جلَّ وعزَّ: ((وَالَّيلِ إذَا سَجَى)) الضُّحى "2".
وتكونُ تَفْسيريَّة، وظَرْفيَّة، وفُجائِيَّة.
" إذَا " التَّفْسِيريّة: تأتي في موضع " أيْ " التفسيرية في الجُمل، وَتختلفُ عنها في أنَّ الفِعل بعد " إذا " للمخاطَب تقول: " اسْتَكْتَمتَه الحديثَ "، إذا: سألتَه كتمانه.
" إذا " الظّرفيّة: هي ظَرْفٌ للمُستَقبل مُضَمَّنٌ مَعْنَى الشَّرط، فَهيَ لِذلك مُحْتَاجَةٌ إلى فِعْلِ شَرْطٍ يُضَافُ إلَيها وجَوابٍ للشَّرط، وتَخْتَصُّ بالدُّخول على الجُمْلَةِ الفِعليّة، ويكونُ الفعلُ بعْدَها مَاضِيًا كَثيرًا، ومُضَارِعًا دُون ذلك، وقد اجتمعا في قول أبي ذؤيب:
والنَّفْسُ رَاغِبةٌ إذا رَغَّبْتَها & وإذا تُرَدُّ إلى قَلِيلٍ تَقْنَعُ
فالمضارع نحو قوله تعالى: ((وَإذَا تُتلَى عَلَيهِم ءَايَاتُنا)) الأحقاف "7" وسبأ "43"، وقال تعالى: ((وَإِذَا لَم تَأتِهِمْ بِأَيَةٍ)) الأعراف "203".
والماضي نحو قوله تعالى: ((إذَا جَاءَكَ المُنافِقُونَ)) المنافقون "1".
وإنْ دَخَلتْ " إذَا " الظّرْفِية في الظاهر على الاسْمِ، في نحو قوله تعالى: ((إذا السَّماءُ انشقَّت)) سورة الانشقاق "1"، فإنَّما دَخَلَتْ حَقِيقَةً على الفِعلِ، لأنَّ " السَّماءَ " فاعِلٌ لفعلٍ مَحذُوفٍ يفسره الظاهر، وإن شئتَ فقل: يُفَسِرهُ ما بَعْدَهُ،
وقول الشاعر: إذا الرجالُ بالرجالِ التفت.
ولا تَعْمَلُ " إذا " الجَزْمَ إلاَّ في الشّعر للضَّرورةِ، كقول عبدِ القيْس بن خفاف:
استَغْنِ ما أغْناكَ رَبُّك بالغِنَى & وإذا تُصِبْكَ خَصاصَةٌ فَتَجَمَّلِ
" الخصاصة: الحاجة "
وإنَّما مُنِعَتْ من الجَزْمِ لأنها مُؤَقَّتَةٌ، وحروفُ الجزمِ مُبْهَمَة، وتُفِيد " إذَا " تَحَقُّق الوقوع، فَإذا قال الله تعالى: ((إذَا السَّماءُ انْشَقَّت))، فانشِقَاقُها وَاقِعٌ لا مَحَالَة، بِخِلافِ " إن " فَإِنَّهَا تُفيد الظَّن والتَّوقُّعَ.
" إذا " الفُجائِيَة: تَخْتَصُّ بالجُمَل الاسميَّةِ ولا تَحْتَاجُ إلى جَوَاب، ولا تَقَعُ في ابتداء الكَلام، وَمَعْناها الحَال، والأرْجَحُ أَنَّهَا حَرْفٌ، نَحْوَ قوله تعالى: ((فَأَلْقاها فإذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى)) سورة طه "20"، وقال الشاعر:
وكنتُ أرَى زيدًا - كما قيل - سيدًا & إذا أنَّه عبدُ القَفا واللهازمِ
وكان الأصمعيُّ لا يستفصح إلاَّ طرحهما في جواب " بينا وبينما " وأنشد:
فبينا نحنُ نَرقُبهُ أتانا & معلقُ فضَّة وزناد راعي
وَتَكُونُ جَوابًا للجزاءِ كالفاءِ، قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: ((وَإنْ تُصِبْهُم سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيْهِم إذا هُمْ يَقْنَطُون)) سورة الروم "36"، وفي إذا معنى المجازاة دون " إذ " إلا إذا كفت، كقول العباس بن مرداس:
إذ ما دخلت على الرسولِ فقل له & حقًّا عليك إذا اطمأنَّ المجلسُ
وَتسُدُّ مَسَدَّ الخبرَ، والاسم بَعْدَها مبتدأ، تقول: " جِئْتُكَ فإذا أَخوكَ ". التقدير: " جِئْتُكَ فَفَاجَأَني أَخُوك "،
وتقول أيضًا: " دَخلْتُ الدار فإذَا بصديقي حَاضِرٌ " بِصديقي: مبتدأ والباء: حَرْفُ جَرِّ زائد، وحاضرٌ: خبر.
ولا يزال هناك كلام للعلماء – رحمهم الله – وتفصيلات حول " إذا "، ولعلَّ الاستغناءَ بما ذُكِر، والله أعلم.
ختامًا أسال الله لك مزيدًا من العلم والتوفيق
ـ[ابن المقفع]ــــــــ[11 - 08 - 2004, 06:18 ص]ـ
أنا بين أصحابي الذين أحبهم .... ما أجمل الدنيا مع الأصحابِ
قد كنت مثل الطائر المحبوس في .... قفص , ومثل النجم خلف الضبابِ
حتى لقيتكم فبت كأنني .... لمسرتي أسترجعت عصر شبابي
بصراحة الكلام يعجز عن ثنائك يا أستاذنا وحبيبنا ومكرمنا ياأستاذ حازم ..
سلمت أناملك , ونتمنى من الله أن يزيدك علماً فوق علمك , وأن ينير دربك , وأن يسعدك في الدنيا والآخرة,
فلقد كفيت ووفيت , وجزاك الله ألف خير