تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(وقد يستغنى ببعض أبنية القلَّة عن بعض بناء الكثرة، كأرجُل وأعناق وأفئدة.

وقد يعكس كرجال وقلوب وصِرْدان) انتهى

ووافقه ابنُ عقيلٍ في شرحه على الألفية:

(قد يستغنى ببعض أبنية القلَّة عن بعض أبنية الكثرة، كرجل وأرجل، وعنق وأعناق، وفؤاد وأفئدة، وقد يستغنى ببعض أبنية الكثرة عن بعض أبنية القلَّة، كرجل ورجال، وقلب وقلوب) انتهى

فهذه بعضُ أقوال أهل العلم التي تنصُّ على إبقاء المعنى الذي يختصُّ به كلُّ نوع، مع جواز أن يُستغنى بأحدهما عن الآخر في بعض المواضع.

والقرآن الذي هو أفصح وأبلغ البيان يدلُّ على هذا، وكذلك ما ورد في كلام أفصح البشر – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم –.

ثانيًا: ذكر أبو حيَّان في " البحر المحيط "، عند تفسير قوله تعالى: ((ثلاثةَ قُروءٍ)) البقرة

(قُروء، على وزن فُعول، وتوجيه الجمع للكثرة في هذا المكان، ولم يأت: ثلاثة أقراء، أنه من باب التوسُّع في وضع أحد الجمعين مكان الآخر، أعني: جمع القلَّة مكان جمع الكثرة، والعكس وكما جاء: بأنفسهن، وأن النكاح يجمع النفس على نفوس في الكثرة، وقد يكثر استعمال أحد الجمعين، فيكون ذلك سببًا للإتيان به في موضع الآخر، ويبقى الآخر قريبًا من المهمل، وذلك نحو: شسوع أوثر على أشساع، لقلة استعمال أشساع، وإن لم يكن شاذًّا، لأنَّ شسعا ينقاس فيه أفعال؛ وقيل: وضع بمعنى الكثرة، لأن كلَّ مطلقةٍ تتربص ثلاثةَ قروء؛ وقيل: أوثر قُروء على أقراء، لأن واحده قرءٌ، بفتح القاف، وجمع فَعْل على أفعال شاذ) انتهى

وذكر النسفيُّ في تفسيره:

(أي يتربصن مضي ثلاثة قروء أو على الظرف أي يتربصن مدة ثلاثة قروء، وجاء المميز على جمع الكثرة دون القلة التي هي الأقراء لاشتراكهما في الجمعية اتساعًا، ولعلَّ القروء كانت أكثر استعمالاً في جمع " قرء " من الأقراء، فأوثر عليه تنزيلاً لقليل الاستعمال منزلة المهمل)

وقال في موضع آخر:

(والأفئدة في فؤاد كالأغربة في غراب، وهو من جموع القلَّة التي جرت مجرى جموع الكثرة لعدم السماع في غيرها) انتهى

وذكر أبو حيَّان في " البحر المحيط "، عند قوله تعالى ((ولهم فيها وأزواجٌ مطهَّرةٌ)) البقرة 25:

(والأزواج من جموع القلَّة، لأن زوجًا جمع على زوجة نحو: عود وعودة، وهو من جموع الكثرة، لكنه ليس في الكثير من الكلام مستعملاً، فلذلك استغنى عنه بجمع القلة توسُّعًا وتجوُّزًا) انتهى

وذكر أبو البقاء العكبري في " التبيان "، عند قوله تعالى ((وقال لِفتْيانِهِ)) يوسف 62

(قوله تعالى: ((لِفتْيتِهِ)) يقرأ بالتاء على فعلة، وهو جمع قلة، مثل صبية.

وبالنون مثل غلمان، وهو من جموع الكثرة، وعلى هذا يكون واقعاً موقع جمع القلة) انتهى

قال أبو شامة في " إبراز المعاني ":

(ومعنى فِتْيَة وفِتْيان كلاهما جمع فتى، كإخوة وإخوان، الأول للقلَّة والثاني للكثرة) انتهى

ومعلومٌ أنَّه قرأ حفص وحمزة والكسائيُّ وخلف العاشر بلفظ ((فِتْيانِهِ))

وقرأ الباقون بلفظ ((فِتْيَتِهِ)).

وذكر أبو البقاء العكبري في " التبيان "، عند قوله تعالى: ((ولَكنْ كانُوا أنفُسَهُم يَظْلِمونَ))

(((أنفسهم)) مفعول ((يظلمون))، وقد أوقع أفعلا وهو من جموع القلَّة موضع جمع الكثرة) انتهى

وذكر العلاَّمة بدر الدين العيني في كتابه " عمدة القاري، شرح صحيح البخاري ":

(قوله: " ثلاث مرات "، فإن قلت حكم العدد في ثلاثة إلى عشرة أن يضاف إلى جمع القلة، فَلِمَ أضيف إلى جمع الكثرة مع وجود القلَّة، وهو مرات، قلت هما: يتعاوضان، فيستعمل كل منهما مكان الآخر، كقوله تعالى: ((ثلاثة قروء)) البقرة 228) انتهى

وقال أيضًا:

(قوله: " ثلاث غُرف " بضم الغين المعجمة، جمع غُرفة بالضم أيضًا، وهي قدر ما يغرف من الماء بالكف، وفي بعض النسخ " غرفات "، والأول رواية الكشميهني، وهذا هو الأصح، لأن مميز الثلاثة ينبغي أن يكون من جموع القلَّة، ولكن وجه ذكر الغرف أن جمع الكثرة يقوم مقام جمع القلة، وبالعكس، وعند الكوفيين فعل بضم الفاء وكسرها من باب جموع القلة، لقوله تعالى: ((فأتوا بعشْر سور)) سورة هود 13، وقوله تعالى ((ثمانية حِججٍ)) سورة القصص 27) انتهى

وبالله التوفيق، وهو سبحانه أعلم

وللجميع خالص التحية

ـ[أبو ذكرى]ــــــــ[11 - 09 - 2004, 12:37 م]ـ

صدق الله إذ يقول - ومن أصدق من الله حديثا-:

" وفوق كل ذي علم عليم"

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير