وتُسمَّى باءُ التعدية باءَ النقل أيضًا، وهي المعاقبة للهمزة في تصيير الفاعل مفعولاً، وأكثر ما تعدِّي الفعلَ القاصر (اللازم)، ولا يجوز أن يُجمع بين الهمزة والباء، لأنهما متعاقبتان.
ومن ورودها مع المتعدِّي، قوله تعالى: ((ولَولا دَفعُ اللهِ النَّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ)) الآية.
وقولهم: " صَكَكْتُ الحَجرَ بالحَجرِ "، والأصل: دفعُ بعض الناسِ بعضًا، وصكَّ الحجرُ الحجرَ.
أما اللام، حين تكون للتعدية المجرَّدة، فقد ذكر العلماءُ نحو قوله تعالى: ((فهبْ لي من لَدنكَ وليًّا))، قال ابنُ هشامٍ – رحمه الله – في " المُغني ":
(ذكره ابن مالك في الكافية، ومثَّل له في شرحها بقوله تعالى: ((فهبْ لي من لدنكَ وليًّا))، وفي الخلاصة، ومثل له ابنُه بالآية، وبقولك: " قلت له افعل كذا "، ولم يذكره في التسهيل ولا في شرحه، بل في شرحه أنَّ اللامَ في الآية لشبه التمليك وأنها في المثال للتبليغ، والأوْلَى عندي أن يُمثَّل للتعدية بنحو: " ما أضربَ زيدًا لعمرٍو "، " وما أحبَّه لبكرٍ ".
وجاء في " النحو الوافي ": " ما أحبَّ العقلاءَ للصمتِ المَحمودِ، وما أبغضَهم للثرْثرةِ ".
ومعلومٌ أنَّ التعدية المجرَّدة لا يُنافي أنها في بقية مواضع الحروف للتعدية أيضًا، مع إفادتها شيئًا آخر في الوقت نفسه، ذكر هذا المعنى الصبَّانُ والخضري في حاشيتيهما.
بقيَ النظر في المثال: " عجبتُ من هوان أمتنا على الناس "
بدايةً، أسألُ اللهَ العزَّ والتمكينَ لأمتنا الإسلامية.
أرى – والله أعلم – أنَّ هذا المثالَ لا يصلح أن يكون شاهدًا للتعدية المجرَّدة.
إذ أنَّ التعدية المجرَّدة ليست من معاني حرف الجرِّ " مِن " و " علَى ".
بل أرى أنَّ معنى " مِن " هنا للتبيين، و" علَى " أفادت الاستعلاء، ولم يمنع معناهما من تعدية الفعل " عجب " والمصدر " هوان "، والله أعلم.
ولهذا لن أستطيع إضافة شواهد لتعدية الأفعال، سواءً كانت لازمةً، أو متعديَّةً لمفعولين، أحدهما بحرف الجرِّ، حتَّى تكون الصورة واضحة، ويتم إعادة النظر في طرح الاستفسار، وبالله التوفيق.
ختامًا، لا زلتُ أسيرُ بمحاذاة الشاطئ، إذ أنني لستُ بذي مَهارةٍ في الغَوص.
دمتَ سالمًا مع عاطر التحايا
ـ[أبو سارة]ــــــــ[16 - 09 - 2004, 09:21 ص]ـ
السلام عليكم
كل الشكر للسائل على هذا السؤال الذي لو لم يكن من فوائده إلا استنطاق صمت أستاذنا حازم لكفاه0
والشكر الأجزل لأستاذنا حازم على هذه الواحة الغناء في العلم والمعرفة0
جزيتما خيرا
ـ[صريح]ــــــــ[16 - 09 - 2004, 01:28 م]ـ
شكرًا لك أستاذي الكبير حازم وشكرًا لصبرك على مشاركتي
أما بالنسبة للمثال: عجبتُ من هوان أمتنا على أعدائها. فهو في كتاب النحو والصرف للثالث ثانوي الفصل الأول. وقد بين المؤلف المثال بأن حرف الجر (من) في الإيضاح. بقوله إذ لا يصح أن تقول عجبت هوان أمتنا على أعدائها
فهو هنا لا يكون له معنى سوى التعدية.
ولي طلب آخر أن تصوب لي الأخطاء في إجابات الأمثلة التالية:
1 - لم أستطع الوقوف من التعب. معنى حرف الجر (من) السببية.
2 - الحمد لله والشكر له. معنى حرف الجر (اللام) للاختصاص.
3 - ركبت في السيارة. معنى حرف الجر (في) الظرفية المكانية.
4 - ـ فضّلت الأدب على النحو. معنى حرف الجر (على) الاستعلاء المعنوي.
5 - أنفق من مالك. معنى حرف الجر (من) التبعيض.
6 - قال تعالى: (وشروه بثمن بخس ... الآية). معنى حرف الجر (الباء) الاستعانة.
7 - لكل امرئ من دهره ما تعودا وعادة سيف الدولة الطعن في العدا
معنى حرف الجر (من) التبعيض.
معنى حرف الجر (في) الظرفية المكانية.
8 - خرجت من الفصل. . معنى حرف الجر (من) ...........
ـ[حازم]ــــــــ[16 - 09 - 2004, 07:29 م]ـ
وإنَّكَ مِمَّنْ زَيَّنَ اللهُ وَجْهَهُ & ولَيسَ لِوجْهٍ زَانَهُ اللهُ شَائِنُ
أخي الفاضل " صريح "
إنْ تكلَّمتَ عن الشُّكرِ، فما أراك إلاَّ أهلاً له ومُسْتحقَّه.
فقد شاركتَ بطرحٍ رائع، تجلَّت معه فوائدُ قيِّمة، استفدتُ منه كثيرًا، وتعلَّمتُ أشياءَ جديدة، كنتُ جاهلاً بها، بارك الله فيك وزادك علمًا وتوفيقًا.
أمَّا بالنسبة لِما ذكرتَ من أمثلة مع إجابتها، فقد تألَّقتَ فيها، وأحكمتَ بناءَ أسوارها.
فلن أُضيف إلاَّ شيئًا يسيرًا:
1 - " لم أستطع الوقوف من التعب "، معنى حرف الجر (من) السببية. " أو التعليلية "
2 - " الحمد لله والشكر له "، معنى حرف الجر (اللام) للاختصاص. " الاستحقاق والاختصاص "
6 - قال الله تعالى: ((وشروه بثمن بخس)) الآية، معنى حرف الجر (الباء) " العوض أو المقابلة "
7 - " لكلِّ امرئٍ من دهرِهِ ما تعوَّدا "، معنى حرف الجر (من) أرى أنها تفيد " الظرفية الزمانية "، والله أعلم.
8 - " خرجتُ من الفصل " معنى حرف الجر (من) " ابتداء الغاية "
والله أعلم.
ختامًا، أسأل الله لك مزيدًا من فضله.
ومع أني قد تعلَّمتُ منك ما يُساعدني على السباحة بعيدًا عن الشاطئ، إلاَّ أني لا زلتُ أرى أنَّ مكاني هو السير بمحاذاته.
دمتَ سالمًا ولك عاطر التحايا