ثم ألا يصح العطف على قوله تعالى ((يهدي إلى الرشد فآمنا به ..... )) فيكون معطوف على الهاء في (به) فيكون التقدير (به وبأنه تعالى ... )؟
اختلف القراء في همزات إن في هذه السورة فمنهم من فتح الجميع () عطفا على قول الله عز و جل " أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ" و الذي لا يجوز فيه إلا الفتح لسدها مسد المصدر، أي مما أوحي للنبي صلى الله عليه وسلم
و منهم من كسر الجميع () عطفا على " إِنَّا سَمِعْنَا " اعتبارا على أنها محكية بالقول و منهم من فتح في بعض و كسر في بعض
قال القرطبي رحمه الله:
قوله تعالى: «وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا» كان عَلْقمة ويحيى والأعمش وحمزة والكسائيّ وابن عامر وخَلَف وحفص والسّلمي ينصبون «أَنَّ» في جميع السورة في اثني عشر موضعاً ... عطفاً على قوله: «أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ» ... وقرأ الباقون كلَّها بالكسر وهو الصواب، واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم عطفاً على قوله: «فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا» لأنه كله من كلام الجنّ. وأما أبو جعفر وشيبة فإنهما فتحا ثلاثة مواضع؛ وهي قوله تعالى: «وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا»، «وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ»، «وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ»، قالا: لأنه من الوحي، وكسرا ما بقي؛ لأنه من كلام الجنّ.
سؤال: هل يجوز أن تبقى همزة "أن" مفتوحة في قول الله تعالى «وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا» و يكون من قول الجن؟ و هل يجوز فيه الوجهان؟
أقوال المفسرين لتوجيه الفتح في همزة «إن» في الآية الكريمة:
قال القرطبي في توجيه الفتح في «وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا» بأن ذلك "عطفاً على قوله: "أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ"، و "أَنَّهُ اسْتَمَعَ" لا يجوز فيه إلا الفتح، لأنها في موضع اسم فاعل «أُوحِيَ» فما بعده عليه
وقيل: هو محمول على الهاء في «آمَنَّا بِهِ» أي وبأَنَّه تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا» وجاز ذلك وهو مضمر مجرور لكثرة حرف الجار مع «أنّ».
و قال الطبري
وأحبّ ذلك إليَّ أن أقرأ به الفتح فيما كان وحيا، والكسر فيما كان من قول الجنّ، لأن ذلك أفصحها في العربية، وأبينها في المعنى، وإن كان للقراءات الأُخر وجوه غير مدفوعة صحتها
قال العكبري في التبيان
وما في هذه السورة من «أنَّ» فبعضُه مفتوح وبعضه مكسور، وفي بعضه اختلاف، فما كان معطوفاً على أنَّه استمع فهو مَفْتُوح لا غَيْرُ، لأَنها مصدرية، وموضعها رَفْع بالوحي؛ وما كان معطوفاً على «إنا سمعنا» فهو مكسور؛ لأنه حُكِيَ بعد القول؛ وما صَحَّ أن يكونَ معطوفاً على الهاء في «به» كان على قول الكوفيين على تقدير العطف؛ ولا يُجيزه البصريون؛ لأنَّ حرفَ الجر يلزمُ إعادته عندهم هنا.
هل يصح عطف المصدر الصريح في قول الله تعالى "وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا" على الضمير المجرور بالباء في «آمَنَّا بِهِ» و ذلك بتقدير حرف جر محذوف آمَنا بأَنَّه تَعَالَى جَد رَبنَا
أخي الكريم، هناك إشكال في حذف حرف الجر من المعطوف على ضمير مجرور، و الأغلب في لغة العرب ذكره
قال الله تعالى: "وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ"
و قال: "قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ"
و قال: "فَقَال لَهَا وَللأرْضِ"
و قال: "قُلْ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ"
و قال: "وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ"
و قال: " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ "
و تسأل: أآمنت بالله؟ فتقول آمنت به و برسوله
و تقول: مررت به و بزيدٍ
و قد ذهب جمهور البصريين إلى وجوب إعادة الخافض في المعطوف عند العطف على مضمر مجرور
و ذهب سيبويه و ابن مالك و ابن عقيل و ابن هشام و الكوفيون إلى جواز حذفه
قال ابن مالك رحمه الله:
وعَودُ خافض ٍ لدى عطف ٍ على&& ضميرِ خفض ٍ لازمًا قد جعلا
وليس عندي لازمًا إذْ قَد أتى&& في النّظم والنّثر الصّحيح مثبتا
و استدلوا بقراءة حمزة " وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَام " بكسر ميم الأرحام
و ما أنشده سيبويه رحمه الله تعالى
فاليومَ قَرُبَتْ تَهجُونَا وَتَشتُمُنَا&& فاذهب فما بكَ والأيامِ مِنْ عَجبِ
و الله أعلم
ـ[موسى 125]ــــــــ[22 - 10 - 2004, 08:15 م]ـ
الأخ الأستاذ أبو أيمن ... السلام عليكم
ما شاء الله إجابة كافية ووافية .. وأنت أهل للإجابة وغيرها ... وأشكرك من أعماق قلبي وأسأل الله يوفقك ولك الشكر.