تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[النحو وأسباب النشأة]

ـ[يوسف طيطي]ــــــــ[26 - 06 - 2010, 12:02 ص]ـ

النحو العربي

النحو أصل علوم العربية، وأقدمها نشأة، وأغزرها مادة وتأليفا، وقد كتبت بحوث كثيرة عن نشأته وتأريخه، قديما وحديثا. ومع اتفاق الباحثين على سبب نشأة النحو العربي نجدهم مختلفين في تحديد البادئ بوضع أسسه، وفي تحديد طبيعة الملاحظات التي عدت اللبنة الأولى في بنيانه الشامخ اختلف الناس في أوائل من وضع النحو فقال قائلون: أبو أسود الدؤلي، وقال آخرون نصر بن عاصم الدؤلي، ويقال الليثي، وقال آخرون: عبد الرحمن بن هرمز. وأكثر الناس على أبي أسود الدؤلي. (الحمد، 2005)

النحو في أساس تسميته:

ينبغي قبل الشروع في بحث أي ناحية من نواحي النحو، التمهيد لذلك ببحث عن أصل التسمية في اللغة. النحو في أساس وضعه أو النحو في اللغة: جاء في أساس البلاغة: لا يثبت على نحو واحد، ونحوت نحوه، و فلان نحوي من النحاة، وانتحاه: قصده.

وجاء في لسان العرب: النحو إعراب الكلام العربي، والنحو: القصد والطريق، والجمع أنحاء ونحو وفي بعض كلام العرب إنكم لتنظرون في نحو كثيرة أي في ضروب من النحو. ويقال نحوت نحوك، أي قصدت قصدك. وفيه أن أبا الأسود الدؤلي وضع وجوه العربية وقال للناس انحوا نحوه فسمي نحوا. وفيه نحا الشيء إذا حرفه ومنه سمي النحوي، لأنه يحرف الكلام إلى وجوه الإعراب. ومنه أنحى عليه، وانتحى، إذا اعتمدت عليه، ومنه الانتحاء، وهو الاعتماد على بعض دون بعض.

وجاء في القاموس المحيط:

النحو: الطريق، الجهة، الانتحاء: اعتماد الإبل في سيرها على أيسرها، وانتحى جد، وفي الشيء اعتمد، وعليه تعني كلمة نحو في اللغة: القصد، والجهة، والضرب، والصرف، والاعتماد، وكلها معان تفيد الاختصاص بشيء دون آخر، وتفيد انتهاج طريقة دون أخرى، للتفرد بها، أو لعدم صلاحية أخذ غيرها.

النحو في الاصطلاح:

جاء في مقدمة الحدود في النحو: اعلم أن الحد والمعرف في عرف النحاة، والفقهاء، والأصوليين. أسمان لمسمى واحد، وهو ما يميز الشيء عن جميع ما عداه فحد النحو اصطلاحا علم بحصول، يعرف بها أحوال أواخر الكلم" إعرابا وبناء".

وجاء في شرح الأشموني على الألفية:" هو العلم المستخرج بالمقاييس من استقراء كلام العرب الموصلة إلى معرفة أحكام أجزائه التي ائتلف منها".

إذا فالنحو في الاصطلاح، هو إتباع قواعد اللغة العربية بمراعاة ضروراتها صونا للألسنة عن الخطأ، معنا للاضطراب التعبيري والالتباس المعنوي. (علامة، 1999).

أسباب وضع النحو العربي:

يمكن أن نرد أسباب وضع النحو العربي إلى بواعث مختلفة، منها الديني ومنها غير الديني، أما البواعث الدينية فترجع إلى الحرص الشديد على أداء نصوص الذكر الحكيم أداء فصيحا سليما إلى أبعد حدود السلامة والفصاحة، وخاصة بعد أن أخذ اللحن يشيع على الألسنة، وكان قد أخذ بالظهور من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم (ضيف، 1968).

ومن البواعث التي دعت إلى وضع النحو الباعث العربي فيرجع إلى ذلك أن الله سبحانه وتعالى كرم أمة العرب، واختار من بينها نبيا عربيا يهدي الناس إلى النور، ويخلصهم من ظلم الشرك، فأنزل القرآن بلسان قومه ليفهموا منه ما يقول؛ قال تعالى: "ومَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسولٍ إلّا بِلسانِ قَوْمِهِ". فيخاطبهم بلغتهم التي يفهمونها، فكان ذلك مفخرة للعرب. كل ذلك أدى إلى أن ينظر العرب إلى أنفسهم نظرة إعجاب واعتزاز وفخر وتقدير. ولم لا وقد أنزل القرآن بلسانهم، واختير الرسول من بينهم. ولم يقتصر الأمر على ذلك بل شمل لغتهم التي يتحدثون بها، وتعداهم إلى كل ما هو عربي، وإن نظرة واحدة إلى أشعارهم ونثرهم وكتبهم الكثيرة التي ألفوها كافية لأن يعرف مدى تقديرهم للغتهم. (بافضل، 1996).

أما الباعث القومي فيتجلى في بناء البصرة؛ تلك المدينة التي نشأ فيها النحو العربي، فالعرب يعتزون بلغتهم اعتزازا شديدا، وهو اعتزاز جعلهم يخشون عليها الفساد حين امتزجوا بالأعاجم، مما جعلهم يحرصون على رسم أوضاعها خوفا عليها من الفناء والذوبان في اللغات الأعجمية. وبجانب ذلك كانت هناك بواعث اجتماعية ترجع إلى أن الشعوب المستعربة أحست الحاجة الشديدة لمن يرسم لها أوضاع العربية في إعرابها وتصريفها حتى تتمثلها تمثلا مستقيما، وتتقن النطق بأساليبها نطقا سليما. وكل ذلك معناه أن بواعث متشابكة دفعت دفعا إلى التفكير في وضع النحو، ولا بد أن نضيف إلى ذلك رقي العقل العربي ونمو طاقته الذهنية نموا أعده للنهوض برصد الظواهر اللغوية وتسجيل الرسوم النحوية تسجيلا تطرد فيه القواعد وتنتظم الأقيسة انتظاما يهيئ لنشوء علم النحو ووضع قوانينه الجامعة المشتقة من الاستقصاء الدقيق للعبارات والتراكيب الفصيحة ومن المعرفة التامة بخواصها وأوضاعها الإعرابية. (ضيف، 1968).

وقد انتشر اللحن بسبب التوسع العسكري، والتوسع السكاني، والتوسع الاقتصادي، والتوسع الاجتماعي. (علامة، 1992).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير