تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حروف المعاني أهميتهاوالفرق بينها وبين حروف المباني]

ـ[بندر بن سليم الشراري]ــــــــ[29 - 06 - 2010, 05:32 م]ـ

حروف المعاني وأهميتها, والفرق بينها وبين حروف المباني

تعريف الحرف لغة:

قال ابن فارس " (حرف) الحاء الراء والفاء ثلاثة أصول: حدُّ الشيء، والعُدول، وتقدير الشَّيء.

فأمّا الحدّ فحرْفُ كلِّ شيء حدُّه، كالسيف وغيره ...

والأصل الثاني: الانحراف عن الشَّيء. يقال انحرَفَ عنه يَنحرِف انحرافاً. وحرّفتُه أنا عنه، أي عدَلتُ به عنه.

والأصل الثالث: المِحراف، حديدة يقدَّر بها الجِراحات عند العِلاج." (1)

أما في الاصطلاح فإن علماء اللغة يفرقون بين حروف المباني, وحروف المعاني.

فحروف المباني في اصطلاحهم: هي الحروف الهجائية التي تبنى منها الكلمة, وليس للحرف منها معنى مستقل في نفسه, ولا في غيره. ويطلق عليها حروف التهجي. (2)

والظاهر أن الحرف في هذا الاصطلاح إنما سمي حرفاً، لأنه طرف في الكلام، وفضلة. والحرف، في اللغة، هو الطرف. (3)

أما حروف المعاني في الاصطلاح: فهي الحروف التي تربُط الأسماءَ بالأفعال والأسماء بالأسماء. وتدل على معنى في غيرها ويطلق عليها حروف الربط. (4)

قال ابن أم قاسم المرادي (5) " فإن قيل: ما معنى قولهم الحرف يدل على معنى في غيره فالجواب: معنى ذلك أن دلالة الحرف على معناه الإفرادي متوقفة على ذكر متعلَّقه، بخلاف الاسم والفعل. فإن دلالة كل منهما، على معناه الإفرادي، غير متوقفة على ذكر متعلَّق؛ ألا ترى أنك إذا قلت: الغلام, فُهِم منه التعريف. ولو قلت: (أل) مفردةً لم يُفهم منه معنى. فإذا قُرِن بالاسم أفاد التعريف. وكذلك باء الجر فإنها لا تدل على الإلصاق، حتى تضاف إلى الاسم الذي بعدها، لأنه يتحصل منها مفردة. وكذلك القول في سائر الحروف." (6) كحروف الجر, والاستفهام, والشرط, وغيره. وتقييدها بالمعاني ليُخْرَج حروف المباني التي تبنى منها الكلمة, وهي حروف الهجاء فالهمزة في كلمة (أحمد) من حروف المباني؛ لأنها من بنية الكلمة, بينما الهمزة في (أذهب زيد؟) فهي حرف دال على معنى الاستفهام فتكون من حروف المعاني.

ويظهر الفرق بين حروف المعاني وحروف المباني بما يلي:

1 - حروف المباني هي حروف التهجي, ومنه تبنى الكلمة. فهي أبعاض الكلمة. أما حروف المعاني فهي من أنواع الكلِم.

2 - حروف المباني لا تزيد على حرف واحد. بينما حروف المعاني منها ما هو على حرف واحد كهمزة الاستفهام ومنه ما هو على حرفين كـ (إن) الشرطية, ومنها ما هو على ثلاثة أحرف, كحرف الجر (إلى).

3 - حروف المعاني يتبين معناها بغيرها, ولذلك يقال حرف جاء لمعنى. .بينما حروف المعاني ليست كذلك.

4 - عدد حروف المباني ثمانية وعشرون حرفا, أما حروف المعاني فنحو خمسين حرفا

أهمية دراسة حروف المعاني

قد عُني العلماء في بيان معاني الحروف واستعمالاتها في اللغة فمنهم من أفرد. ذلك بالتأليف كابن أم قاسم المرادي في كتابه الجنى الداني في حروف المعاني. ومنهم من عقد له بابا في تصنيف, كابن هشام في مغني اللبيب. وذلك أننا نجد الكلام يختلف معناه باختلاف الحرف الرابط في الجملة. مثال ذلك خرجت إلى زيد. وخرجت في زيد. وخرجت على زيد. وخرجت من عند زيد. ونحو ذلك. فالفعل خرج واسم زيد في الجمل كلها لكن اختلف المعنى باختلاف الحروف الرابطة في الجملة.

بل نجد أن الحرف الواحد له أكثر من معنى, كحرف (مِن) فهو يأتي للابتداء, والتبعيض, والسببية, ولبيان الجنس.

وإذا كان الأمر كذلك, فإنه لابد لطالب العربية, والمطلع في تفسير القرآن, أن يكون مُلّمّاً في هذا الباب فإنه لا يكاد يفهم كثيرا من آي القرآن على وجهها إلا بإدراكه معاني الحروف وما يتعلق بها. وذلك يظهر جليا للباحث في كلام المفسرين إذ إننا نجدهم في كثير من الآيات يختلف العلماء في توجيه معناها من هذا الباب.

وعلى سبيل المثال حرف (مِنْ) في قوله الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104] إن قلنا إنها بيانية فإن الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل فرد من أفراد الأمة وجوبا عينيا. وإن قلنا إن (من) تبعيضية كان الوجوب على الأمة من باب فرض الكفاية وليس على كل فرد بعينه.

والله الموفق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) - معجم مقاييس اللغة لابن فارس - (2/ 42)

(2) - انظر المعجم الوسيط - (1/ 72) وانظر كتاب الكليات ـ لأبى البقاء الكفوي - (1/ 1657)

(3) - الجنى الداني في حروف المعاني للمرادي - (1/ 2)

(4) - المخصص ـ لابن سيده - (4/ 225) وانظر محترزات التعريف الذي ذكرها ابن ام قاسم المرادي في الجنى الداني في حروف المعاني - (1/ 1) و كتاب الكليات ـ لأبى البقاء الكفوي - (1/ 1657)

(5) - الحسن بن قاسم بن عبد الله بن علي المرادي المعروف بابن أم قاسم مفسر أديب نحوي لغوي فقيه بارع مات يوم عيد الفطر سنة تسع وأربعين وسبعمائة. انظر بغية الوعاة - (1/ 517) والأعلام للزركلي - (2/ 211)

(6) - الجنى الداني في حروف المعاني للمرادي - (1/ 2)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير