تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال الشنقيطي بعد أن ذكر الخلاف في هَمّ يوسف: " هذا الوجه الذي اختاره أبو حيان وغيره هو أجرى الأقوال على قواعد اللغة العربية؛ لأن الغالب في القرآن وفي كلام العرب: أن الجواب المحذوف يذكر قبله ما يدل عليه، كقوله: {فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ}، أي: إن كنتم مسلمين فتوكلوا عليه، فالأول: دليل الجواب المحذوف لا نفس الجواب، لأن جواب الشروط وجواب {لَوْلا} لا يتقدم، ولكن يكون المذكور قبله دليلاً عليه كالآية المذكورة. وكقوله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، أي: إن كنتم صادقين فهاتوا برهانكم.

وعلى هذا القول: فمعنى الآية، {وَهَمّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ}، أي: لولا أن رآه هَمّ بها. فما قبل {لَوْلا} هو دليل الجواب المحذوف، كما هو الغالب في القرآن واللغة.

ونظير ذلك قوله تعالى: {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا}، فما قبل {لَوْلا} دليل الجواب. أي لولا أن ربطنا على قلبها لكادت تبدي به.

واعلم أن جماعة من علماء العربية أجازوا تقديم جواب {لَوْلا} وتقديم الجواب في سائر الشروط: وعلى هذا القول يكون جواب {لَوْلا} في قوله: {لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ}، هو ما قبله من قوله: {وَهَمّ بِهَا} , وإلى جواز التقديم المذكور ذهب الكوفيون، ومن أعلام البصريين: أبو العباس المبرد، وأبو زيد الأنصاري."

قال الفخر الرازي في "تفسيره": قد شهد الله تعالى في هذه الآية الكريمة على طهارته أربع مرات:

أولها: {لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ} واللام للتأكيد والمبالغة.

والثاني: قوله: {وَالْفَحْشَاءَ}، أي: وكذلك لنصرف عنه الفحشاء.

والثالث: قوله: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا}، مع أنه تعالى قال: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهَمّ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}

والرابع: قوله: {الْمُخْلَصِينَ}، وفيه قراءتان: قراءة باسم الفاعل. وأخرى باسم المفعول.

فوروده باسم الفاعل يدل على كونه آتياً بالطاعات والقربات مع صفة الإخلاص.

ووروده باسم المفعول يدل على أن الله تعالى استخلصه لنفسه، واصطفاه لحضرته. وعلى كلا الوجهين فإنه من أدل الألفاظ على كونه منزهاً عما أضافوه إليه."

هذه هي أقوال علماء التفسير في هذه المسألة راعيت في عرضها الاختصار, ولم تكن الغاية من عرضها معرفة الراجح من المرجوح. بل المراد معرفة اختلاف المفسرين في معنى الآية القرآنية بسبب الخلاف في التوجيه النحوي

والحمد لله رب العالمين

المراجع

- تفسير الطبري (ج 16 / ص 33)

- تفسير الطبري - (ج 16 / ص 38)

- تفسير البغوي - (ج 4 / ص 231)

- الفتاوى الكبرى لابن تيمية - (ج 5 / ص 44)

- أوضح المسالك - (4/ 217)

- التحرير والتنوير - (ج 13 / ص 143)

- تفسير البحر المحيط - (ج 5 / ص 245)

- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (13/ 15)

- مفاتيح الغيب - (18/ 94)

أعدّه: بندر بن سليم الشراري

الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية

ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[28 - 06 - 2010, 01:11 م]ـ

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد:

الأستاذ والداعية الفاضل: بندر بن سليم الشراري

جزاك الله خيرا، مقالة نحوية دينية قيمة، فلقد استفدنا منها، وأنا كذلك أميل إلى ما مال إليه الشيخ ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ جعلها الله في موازين حسناتكم يوم تلقونه، وكتب الله لكم الأجر والمثوبة: اللهم آمين.

ـ[الحطيئة]ــــــــ[28 - 06 - 2010, 01:45 م]ـ

بارك الله فيك أخي

أذكر أن أحد الفضلاء قال: إنها في معنى قوله: (لولا أن من الله علينا لخسف بنا) , فالخسفُ هنا مدفوعٌ و بعيدٌ بأنْ منَّ اللهُ عليهم , فكذلك في قوله: (و هم بها لولا أن رأى برهان ربه) , فالهمُّ بها - أيضا - مدفوع و بعيد برؤيته برهانَ ربِّه

و الله اعلم

ـ[بندر بن سليم الشراري]ــــــــ[28 - 06 - 2010, 02:30 م]ـ

بارك الله فيك أخي الحطيئة وأحسنت

يطلق بعض أهل اللغة على "لولا" حرف امتناع لوجود أي امتناع الجواب لوجود الشرط. أي امتناع الثاني لوجود الأول

وللاستزادة في هذا الباب انظر مغني اللبيب لابن هشام 1/ 301 تحقيق محيي الدين عبد الحميد طبعة المكتبة العصرية

ـ[الاستاذ للغة العربية]ــــــــ[28 - 06 - 2010, 04:43 م]ـ

الأستاذ والداعية الفاضل: بندر بن سليم الشراري

جزاك الله خيراً

ـ[أبو سهيل]ــــــــ[29 - 06 - 2010, 06:27 ص]ـ

جزاك الله خيرا

مبحث طيب

ـ[محمد التويجري]ــــــــ[29 - 06 - 2010, 04:17 م]ـ

أرى رأيك أخي الكريم في أن ما قبل لولا دل على ما بعدها وتقدير الكلام (لولا أن رأى برهان ربه لهم بها)

أي أن الهم لم يقع وكما نقلت عن الشنقيطي في سرده رأي أبي حيان والله أعلم

ـ[بندر بن سليم الشراري]ــــــــ[29 - 06 - 2010, 05:08 م]ـ

أرى رأيك أخي الكريم في أن ما قبل لولا دل على ما بعدها وتقدير الكلام (لولا أن رأى برهان ربه لهم بها)

أي أن الهم لم يقع وكما نقلت عن الشنقيطي في سرده رأي أبي حيان والله أعلم

هو كما ذكرت أخي محمد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير