ـ[داوود أبازيد]ــــــــ[24 - 06 - 2006, 07:37 ص]ـ
الأصل في النقل عندنا السماع قبل القياس، وتعليل الأحكام ابتداء مع قطع حجية السماع، بترٌ للاستدلال ورد صريح لأدلة التقعيد النحوي؟! وإبطال الأستاذ داود للسماع بحجة إقناع القساس كلام فيه نظر! والقول بشرطية لو في هذا التوظيف، لا مصدريتها أمر منتف كذلك، لعدم إمكان التقدير في سياقات متعددة يتضمنها هذا النحت الدخيل .. !
تحياتي أخي عبير .. متى أبطل داوود القياس؟ لقد قلت في تعقيبي على الأخ الأغر: (ومع احترامي للسماع، وأنه أعلى من القياس، وأن من سمع حجة على من لم يسمع، إلا أن قياس ما لم يسمع على ما سمع حجة أقوى من عدم السماع .. ) فما قلت هو أن السماع أعلى من القياس، وأن القياس أعلى مما لم يسمع؛ لأن عدم السماع حجة سلبية، تشبه حجة انتفاء العامل، وانتفاء العامل حجة ضعيفة أو عامل ضعيف .. لقد أحل قوم المخدرات بحجة عدم السماع قاتلهم الله .. هذا أولا .. فلا تقولني ما لم أقل ..
أما شرطية لو، فلا أدري من قال بهذا؟. إن موافقتي للأخ الأغر مبنية على أنه قال (لو هنا مصدرية) ولو قال بغير المصدرية لما وافقت، بل ختم الكلام بقوله (ولعل الذين منعوا ظنوا أن (لو) هذه هي الشرطية) إن استخدام الشرطية ممتنع هنا في رأيي القاصر، ولم أقل به ولا أظن أحدا يقول به؛ لأن المخصوص يجب أن يكون اسما ولا يجوز أن يكون جملة أو شبه جملة، والمصدر المؤول في حكم الاسم .. فلا يجوز: حبذا لو درست نجحت، ولا حبذا من يدرس ينجح .. إلخ ... هذا لا يجوز .. فمن ذا الذي قال بأن لو هنا شرطية؟! ..
إن أمثلة الأخ أبي بشر التي قال الأخ الأغر إن لو فيها شرطية مختلفة عما نحن بصدده، فهناك ذكر المخصوص ثم ذكرت بعده لو الشرطية وجملتاها بعيدا عن المخصوص، فانظر المخصوص: (يا حبذا القال، لو صحت زواجره) (يَا حَبَّذَا مِصْرُ، لَوْ دَامَتْ مَوَدَّتُهَا) (يا حبَّذا أنتِ، لو لم تقتدي بهمِ) (ألا حبذا الإصعاد، لو أستطيعه) وأكتفي بهذه الأمثلة، فالمعنى ينتهي في كل منها عند المخصوص المذكور، ثم تأتي جملة الشرط وجوابه بعدها مستأنفة .. وهذا يختلف عن قولنا (حبذا لو تدرس) لأن (لو تدرس) هي نفسها المخصوص، وعن هذا كنا نتحدث .. وشكرا ..
ـ[أبو بشر]ــــــــ[24 - 06 - 2006, 08:17 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وهل تصح هذه التراكيب إذا حذفنا المخصوص على فرض فهمه من السياق أو جعلناه محل الضمير العائد إليه، وكيف نعرب "لو" حينئذ (مع علمكم بأن الجمهور ينكرون وجود "لو" المصدرية على الإطلاق، فكيف يعربون هم أمثال هذه؟)؟ وإليكم بعض هذه الأمثلة مع حذف المخصوص أو جعله مكان الضمير العائد إليه في الجملة الأصلية:
[حبذا لو لم تقتدي بهم]
[يَا حَبَّذَا لَوْ دَامَتْ مَوَدَّتُهَا]
[يَا حَبَّذَا لَوْ دَامَتْ مَوَدَّةُ مصرَ]
[ألا حبذا لو أستطيعه]
[ألا حبذا لو أستطيع الإصعاد]
إلخ
في رأيي القاصر أن هذه التراكيب جائزة وصحيحة، فإذا أعربنا "لو" شرطية في التراكيب الأصلية فلم لا نعربها كذلك هنا؟
والله أعلم
دمتم بخير
ـ[أبو بشر]ــــــــ[24 - 06 - 2006, 02:30 م]ـ
ذكر السمين الحلبي أقوال النحاة في "لو" الواردة بعد "يود أحدهم" في قوله تعالى:
{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}
وأن البصرين لا يقولون بمصدرية "لو" ألبتة. وإليكم نصّ ما ذكر في "لو" من الأقوال:
[قوله: "لو يُعَمَّر" في "لو" هذه ثلاثةُ أقوال،
أحدُها - وهو الجاري على قواعِد نحاةِ البصرة -: أنها حرفٌ لِما كان سيقَعُ لوقوعِ غيره، وجوابُها محذوفٌ لدلالةِ "يَوَدُّ" عليه، وحُذِفَ مفعولُ "يَوَدُّ" لدلالةِ "لو يُعَمَّرَ" عليه، والتقديرُ: يوَدُّ أحدُهم طولَ العمرِ، لو يُعَمَّر ألفَ سنةٍ لَسُرَّ بذلك، فَحُذِفَ من كلِّ واحدٍ ما دَلّ عليه الآخرُ، ولا محلَّ لها حينئذٍ من الإِعراب.
والثاني - وبه قال الكوفيون وأبو علي الفارسي وأبو البقاء -: أنها مصدرية بمنزلة أنْ الناصبةِ، فلا يكونُ لها جوابٌ، ويَنْسَبِكُ منها وما بعدَها مصدرٌ يكونُ مفعولاً ليَوَدُّ، والتقدير: يَوَدُّ أحدُهم تعميرَه ألفَ سنةٍ. واستدلَّ أبو البقاء بأنَّ الامتناعية معناها في الماضي، وهذه يَلْزَمُها المستقبل كـ"أَنْ"، وبأنَّ "يودُّ" يتعدَّى لمفعول وليس مِمَّا يُعَلَّق، وبأنَّ "أَن" قد وَقَعَتْ بعد يَوَدُّ في قوله: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} وهو كثيرٌ، وموضعُ الردِّ عليه غيرُ الكتابِ.
الثالث - وإليه نحا الزمخشري -: أن يكونَ معناها التمني فلا تحتاجُ غلى جوابٍ لأنها في قوة: يا ليتني أُعَمَّر، وتكونَ الجملةُ من لَوْ وما في حَيِّزها في محلِّ نصبٍ مفعولاً به على طريقِ الحكايةَ بيَوَدُّ، إجراءً له مُجْرى القول. قال الزمخشري: "فإنْ قلت: كيف اتصل لو يُعَمَّر بَيَودُّ أحدهم؟ قُلْتُ: هي حكايةٌ لوَدَادَتِهم، و "لو" في معنى التمني، وكان القياسُ: "لو أُعَمَّر" لا أنَّه جرى على لفظِ الغَيْبَة لقوله: "يَوَدُّ أحدُهم"، كقولِك: حَلَفَ بالله ليَفْعَلَنَّ انتهى". وقد تقدَّم شرحُه، إلا قولَه: "وكان القياسُ لو أُعَمَّر، يعني بذلك أنه كانَ مِنْ حَقِّه أَنْ يأتيَ بأفعلِ مسنداً للمتكلم وحدَه وإنما أَجْرَى "يَوَدُّ" مُجْرى القولِ لأنَّ "يَوَدُّ" فعلٌ قَلبي والقولُ يَنْشَأُ عن الأمورِ القلبيَّةِ"]
¥