تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قول الأصوليين: النكرة في سياق النفي تفيد العموم، كما في قوله تعالى: (ولا يظلم ربك أحدا)، فـ "أحدا"، نكرة في سياق النفي فتفيد نفي ظلم الله، عز وجل، لأي أحد من عباده، تعالى الله، عز وجل، عن ظلم عباده علوا كبيرا، والظالم إنما يظلم لافتقاره إلى ما في يد المظلوم، والله، عز وجل، غني عن عباده، بل هو المتفضل عليهم بنعمه ابتداء دون سابق فضل، فكيف يظلمهم وهو خالقهم ومصرف أمورهم.

والثانية:

قولهم: النكرة في سياق الإثبات تفيد الإطلاق، وسبقت الإشارة إليها عند الكلام على حديث: (لا نكاح إلا بولي).

وأما ابن مالك، رحمه الله، فقد عرف النكرة في ألفيته، بقوله:

نكرة قابل "أل" مؤثرا ******* أو واقع موقع ما قد ذكرا

فذكر قيدا آخر، وهو قابلية الاسم لدخول "أل" عليه، فكل كلمة تقبل دخول "أل" عليها، أو تقع موقع ما يقبل "أل" فهي نكرة، وقد اعترض على التعريف بأنه غير جامع، لأن هناك بعض الألفاظ لا تقبل دخول "أل" عليها، ولا تقع موقع ما يقبل "أل"، ومع ذلك هي نكرات، وذلك، كما يقول الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله، أربعة أشياء:

الحال في نحو: "جاء زيد راكبا"، فالحال نكرة لا تقبل "أل" وإن وجدت بعض الأحوال التي دخلت عليها "أل"، لأنها تؤول عندئذ بنكرة، كقولك: جاءوا الأول فالأول: أي جاءوا مترتبين، فأولت المعرفة "الأول فالأول" بالنكرة "مترتبين".

والتمييز في نحو: "اشتريت رطلا عسلا"، وإن دخلت عليه "أل" اضطرارا في قول الشاعر:

رأيتك لما أن عرفت وجوهنا ******* صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو

فـ "أل" في "النفس"، زائدة، والأصل في غير الضرورة: وطبت نفسا.

واسم لا النافية للجنس، كقولك: لا رجل في الدار، فهو لا يقبل دخول "أل"، فإذا ما دخلت عليه أهملت "لا" ووجب تكرارها فتقول: لا الرجل في الدار ولا المرأة، برفع: الرجل والمرأة.

ومجرور "رب" إذ لا يكون إلا نكرة، ولو كان ضميرا، على مذهب الكوفيين، كما تقدم، فتقول: رب رجل، ولا تقول: رب الرجل، ويلتحق بها "واو رب"، كـ:

قول امرئ القيس:

وليل كموج البحر أرخى سدوله ******* علي بأنواع الهموم ليبتلي

أي: ورب ليل ...............

ويجيب الشيخ محيي الدين، رحمه الله، على هذا الاعتراض بقوله:

والجواب: أن هذه كلها تقبل "أل" من حيث ذاتها، لا من حيث كونها حالا أو تمييزا أو اسم لا أو مجرور رب، ففي قولك: جاء زيد راكبا، الحال "راكبا" لا يقبل "أل" في هذا الموضع فقط لا في المواضع الأخرى بدليل جواز "الراكب"، في قولك: جاء الراكب مسرعا، وهكذا بالنسبة للتمييز واسم لا ومجرور رب، والله أعلم.

واعترض عليه أيضا، بأنه غير مانع، لأن بعض المعارف يقبل "أل" كـ "يهود" و "مجوس"، فإنك تقول "اليهود" و "المجوس"، والجواب:

أن "يهود" و "مجوس" اللذين يقبلان "أل" هما جمع يهودي ومجوسي، فهما نكرتان، فإن قصد بهما العلمية على القبيلين المعروفين لم يصح دخول أل عليهما، فلا تدخل عليهما "أل" إلا بعد نية تنكيرهما، كـ "زيد" لا يثنى ويجمع إلا بعد نية تنكيره، فتقول "زيدان" و "زيود"، على نية التنكير بدليل جواز دخول "أل" عليهما فتقول: "الزيدان" و "الزيود"، ولو كانا معرفتين لما جاز دخول "أل" عليهما، والله أعلم.

واعترض، أيضا، بـ "الضمير العائد على نكرة"، كقولك: لقيت رجلا فأكرمته، فالهاء راجعة على النكرة "رجل"، فهي واقعة موقع ما يقبل "أل"، ومع ذلك لا تقبل "أل"، والجواب:

أنها عند الكوفيين نكرة لأن مرجعها نكرة، فلا إشكال عندهم، لأنها حلت محل نكرة تقبل "أل"، فكأنك قلت: فأكرمت رجلا، فحلت النكرة التي تقبل "أل": "رجلا" محل الهاء.

وأما البصريون فإنهم يجعلونها واقعة موقع "الرجل"، كما في قوله تعالى: (كما أرسلنا إلى فرعون رسولا * فعصى فرعون الرسول)، فكأن "أل" فيها للمعهود الذكري الذي تقدم وهو: "رجلا"، وعليه تكون واقعة موقع ما لا يقبل "أل"، لأن المعرف بـ "أل": "الرجل" لا يقبل دخول "أل" مرة أخرى، فلا يصدق على الهاء تعريف النكرة أصلا، لأنها لم تقع موقع ما يقبل "أل"، بل على العكس وقعت موقع ما لا يقبلها، والله أعلم.

أنواع النكرات:

من أهم أنواع النكرات:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير