الفعل (ليس) عند ابن دُرُسْتُوَيْهِ، والفعل (دام) عند ابن مُعْطٍ. لا يجوز أن يتوسط خبرهما.
مثال لتوسيط الخبر في الفعل (ليس): قرأ حمزة وحفص: ({لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}. (145) بنصب البر.
وقال الشاعر:
سلي إن جهلت الناس عنا = وعنهم فليس سواء عالم وجهول
مثال لتوسيط الخبر في الفعل (دام):
قال الشاعر:
لاَ طِيبَ لِلعْيَشِ مَا دَامَتْ مُنَغَّصَةً = لَذَّاتُهُ باد كار الموت والهرم (146)
د ـ أما إذا كان هناك مانعاً من توسط الخبر فلا يتوسط الخبر في كان وأخواتها، بل يتأخر. (147)
مثال: قال تعالى: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ}. (148)
3ـ التقدم على الفعل واسمه
جاز تقديم أخبارها على أسمائها لتصرُّفها. (149) وأيضاً يتقدم الخبر على الفعل واسمه، وفي ذلك تنقسم إلى:
أ ـ يجوز تقديم خبر كان وأخواتها في جميعها عدا الفعلين: دام، ليس.
مثال: قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ}. (150)
(فإياكم) مفعول يعبدون وقد تقدم على كان وتقدم المعمول يؤذن بجواز تقدم العامل. (151)
مثال: قال تعالى: {سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ}. (152)
مثال: عالما كان زيد.
مثال: قائماً كان زيد. (153)
ب ـ أفعال لا يجوز فيها تقديم خبرها:
هناك اتفاق على أن خبر الفعل (دام) لا يجوز تقديمه، وأما جمهور النحويين فإنهم يرون أيضاً أنه لا يجوز تقديم خبر الفعل (ليس). (154)
ـ امتناع تقديم الخبر على الفعل (دام)
امتنع تقديم الخبر على الفعل (دام)، لأنه إذا قلنا: لا أصحبك ما دام زيد صديقك. ثم قدمت الخبر على الفعل (ما دام) لزم من ذلك تقديم معمول الصلة على الموصول، لأن ما هذه موصول حرفي يقدر بالمصدر. كما قدمناه وإن قدمته على (دام) دون (ما) لزم الفصل بين الموصول الحرفي وصلته، وذلك لا يجوز. لا نقول: عجبت مما زيدا تصحب.
وإنما يجوز ذلك في الموصول الأسمي غير الألف واللام.
نقول: جاءني الذي زيدا ضرب.
ولا يجوز في مثل: جاء الضارب زيدا، إن تقدم زيدا على ضارب. (155)
ـ امتناع تقديم الخبر على الفعل (ليس)
وأما امتناع ذلك في خبر ليس فهو اختيار الكوفيين والمبرد وابن السراج، وهو الصحيح؛ لأنه لم يسمع مثل: ذاهبا لست. ولأنها فعل جامد، فأشبهت (عسى) وخبرها، لا يتقدم باتفاق النحويين، وذهب الفارسي وابن جني إلى جواز تقدم الخبر.
مستدلين بقوله تعالى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}. (156)
وذلك لأن يوم متعلق بمصروفا، وقد تقدم على (ليس)، وتقدم المعمول يؤذن بجواز تقدم العامل، والجواب أنهم توسعوا في الظروف ما لم يتوسعوا في غيرها. ونقل عن سيبويه القول بالجواز والقول بالمنع. (157)
وأجاز البصريون تقديم الخبر في الفعل (ليس) قَياساً على (عسى).
مثل: قوله تعالى: (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهم ليَسْ مَصْروُفاً عَنْهُمْ). (158)
حيث أن المعمول ظرفٌ فيَّتَسعُ فيه. (159)
ثانياًـ خبر كان من حيث نوع الخبر.
وأخبار كان وأخواتها كأخبار المبتدأ من حيث نوع الخبر فيأتي فيها الخبر: المفرد والجملة، وشبه الجملة. (160)
1ـ خبر كان خبر مفرد
¥