تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

البحرُ اللجِّيّ في إعرابِ "نُجِّي"!!

ـ[الحامدي]ــــــــ[01 - 02 - 2007, 10:22 م]ـ

قال الله تعالى:

"فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ" [الأنبياء:88].

موضع التأويل "ننجي" حيث قرأها ابن عامر وأبو بكر عن عاصم بنون واحدة مضمومة مع تشديد الجيم هكذا:"نُجِّي".

فما هي التأويلات والتوجيهات التي ساقها النحاة في إعراب "نُجِّي المؤمنين" طبقا لهذه القراءة؟؟؟.

ـ[أبو تمام]ــــــــ[02 - 02 - 2007, 05:36 ص]ـ

نُنْجي: أصلها: نُنَجِّي: فحذفت النون تخفيفا وهو جائز في الابتداء: أي لأنهما مثلان في كلمة واحدة وفي أولها.

ونظير ذلك قوله تعالى:" فأنذرتكم نارا تَلَظّى" أي: تَتَلظّى.

هذا وجه ولعل الأخوة يأتوننا بتفصيل أكثر

ـ[أحمد الحسن]ــــــــ[02 - 02 - 2007, 10:11 ص]ـ

أخي أبا تمام

حذف النون تخفيفا (هكذا قلت)، وما تعليلك لتشديد الجيم؟

ـ[أحمد الحسن]ــــــــ[02 - 02 - 2007, 10:11 ص]ـ

أخي الحامدي71

ذهب قوم إلى أنّ المصدر قام مقام الفاعل في مثل هذه الآية، والتقدير: نُجّيَ النجاءُ المؤمنين، ومثل ذلك قراءة أبي جعفر "لِيُجزى قوما بما كانوا يكسبون" والتقدير: لِيُجزى الجزاءُ قوما. وهذا الرأي ليس بقوي، فلو كان الكلام كما قالوا لكان فعلا ماضيا قد أسكنت ياؤه من غير الضّرورة، وذلك لا يجيء إلا في الشّعر.

والصواب: أنّ (نُجّي) بإسكان الياء أصلها (نُنجي) فَأُبدل من النون الثانية جيمٌ، كما قالوا في إنجاص وإنجانة: إجّاص وإجّانة.

ـ[أبو تمام]ــــــــ[02 - 02 - 2007, 09:43 م]ـ

أخي أحمد تحية لك وبعد ...

قلت:"حذف النون تخفيفا (هكذا قلت)؟ "

لا. بل قاله ابن هشام - رحمه الله- في أوضح المسالك.

قلت:"وما تعليلك لتشديد الجيم؟

أقول أنا وليس ابن هشام - رحمه الله-:)

:شدّة الجيم للتعدية، فتقول: نَنْجى: فهو لازم، ونُنَجِّي: فهو متعدٍ بالتضعيف، فالأولى على وزن نَفْعل، والثانية: نُفَعِّل.

والحذف هنا وقع على الفعل الثاني المتعدي، فحذفت النون للتحفيف، فأصبحت: نُجِّي.

أما إدغام النون بالجيم، فقد قال عنه ابن هشام - رحمه الله- أنه لا يكاد يعرف.

والله أعلم

ـ[الحامدي]ــــــــ[03 - 02 - 2007, 07:23 م]ـ

الشكر للأخوين أبي تمام، وأحمد حسن إسماعيل على مشاركتهما وإثرائهما للموضوع.

وإليكم تفصيل القول في تأويلات الآية وتوجيهاتها:

ذهب النحاة في كلمة "نجى" مذاهب وتأويلات شتى؛ وأهمها:

ــ جعل "نُجِّي" فعلا ماضيا مغيَّرَ الصيغة (مبنيا للمفعول)، وإضمار مصدره ليكون نائب فاعل؛ والتقدير: (نجي النجاءُ المؤمنين)، وممن قال به الفراء وثعلب وابن خالويه، والطبري. ومن شواهدهم على ذلك:

ولو ولدتْ فقيرة جروَ كلب .......... لسُب بذلك الجرو الكلابا

فشبهُ الجملة (بذلك) نابت عن الفاعل مع وجود المفعول به وهو (الكلاب).

والاعتراض على هذا التأويل من وجهين: عدم فتح الياء (إذا كان فعلا ماضيا)، ووجود المفعول به الصحيح فلا فائدة من إقامة المصدر مقامه.

ـــ أن أصله (ننْجي) فأدغمت النون الساكنة في الجيم. وهو واضح التكلف كما قال الزمخشرى، لأن النون لا تدغم في الجيم إدغاما تاما يكون منه التشديد، وإنما تخفى عندها، والإخفاء ليس تشديدا.

ـــ أن أصله (نُنَجِّي) بنونين ثم حذفت الثانية لاجتماع المثلين، كما تحذف إحدى التاءين في "تظاهرون" وشبهه. وإليه ذهب الأخفش الصغير، والنحاس، وابن جني، واختاره الأشموني.

واعترض عليه من وجهين: أن حذف إحدى المتماثلين يشترط فيه اتحاد الحركة وعدم أصالة الحرف المحذوف؛ وهما شرطان انتفيا في الكلمة "نجي" فالنون المحذوفة هي فاء الكلمة، وتختلف حركتها عن النون الأولى.

ـــ أن في "نُجِّى" نونا مخفاة عند الجيم، فحذفت في الكتابة وثبتت في اللفظ. وممن أخذ بهذا التأويل ابن السراج، وذكره الفارسي، وهو تكلف إذ هي ليست ثابتة في اللفظ على هذه القراءة، بل إن الجيم مشددة لفظا كما هي كتابة، والإخفاء ليس تشديدا.

ـــ أن "نُجِّي" فعل أقيم المصدر مقام فاعله، ونصب "المؤمنين" بإضمار فعل؛ والتقدير: (وكذلك نجي هو ننجي المؤمنين). وذكره أبو حيان في تفسيره. وفيه ضعف وتكلف بعيد.

من قراءة هذه التأويلات يتبين لنا ضعف أكثرها، إذ لم تسلم واحدة منها من اعتراضات.

وقد رجح بعض الباحثين المعاصرين التأويل القائل بحذف إحدى النونين، رغم الاعتراض عليه بالوجهين المذكورين.

غير أنه قلل من شأن الاعتراضين المذكورين على ذلك التأويل واختاره لاعتبارات منها:

ـــ أنه الأقرب إلى الصواب، والأبعد عن التكلف.

ـــ اختياره وترجيحه من بعض أعلام النحاة كالنحاس وغيره.

ـــ وجود أدلة عليه؛ مثل قوله تعالى:"ونُزِّلَ الملائكةَ تنزيلا" بحذف النون الثانية ونصب الملائكة على قراءة ابن كثير.

ولله در ابن جني والنحاس؛ فقد أحسنا في توجيههما حول الآيتين، وقلبا وجوه التأويل، وأوردا اعتراضات على التأويلات الأخرى ودافعَا عن هذا التأويل وردا الاعتراضين المذكورين سابقا.

نخلص إذنْ إلى أن المختار والأقرب من تلكمُ التأويلات هو أن أصلَ "نُجِّى" هو (نُنَجِّي) بنونين حذفت ثانيتهما لاجتماع المثلين، ومثلها في ذلك "ونُزل" على قراءة ابن كثير.

مع تحياتي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير