. فقد بان من جميع ما ذكرنا أنه قد يقع في خبر المبتدأ أحد أربعة أشياء الإسم أو الفعل أو الظرف أو الجملة، فإليكم تمام ما قال عن الخبر وهو ظرف، فإنه جدير بالقراءة:
[وخبر المبتدأ الذي هو الأول في المعنى على ضربين:
فضرب يظهر فيه الإسم الذي هو الخبر نحو ما ذكرنا من قولك: زيد أخوك، وزيد قائم
وضرب يحذف منه الخبر ويقوم مقامه ظرف له وذلك الظرف على ضربين: إما أن يكون من ظروف المكان وإما أن يكون من ظروف الزمان
أما الظروف في المكان فنحو قولك: زيد خلفك وعمرو في الدار
والمحذوف معنى الإستقرار والحلول وما أشبههما كأنك قلت: زيد مستقر خلفك وعمرو مستقر في الدار، ولكن هذا المحذوف لا يظهر لدلالة الظرف عليه واستغنائهم به في الإستعمال.
وأما الظرف من الزمان فنحو قولك: القتال يوم الجمعة والشخوص يوم الخميس كأنك قلت: القتال مستقر يوم الجمعة أو وقع في يوم الجمعة والشخوص واقع في يوم الخميس فتحذف الخبر وتقيم الظرف مقام المحذوف فإن لم ترد هذا المعنى
فالكلام محال لأن زيداً الذي هو المبتدأ ليس من قولك: (خلفك) ولا في الدار شيء لأن في الدار ليس بحديث وكذلك خلفك وإنما هو موضع الخبر]
فإن صحّ ما أشرت إليه يا أستاذي الأغر من أن ابن مالك قد يكون هو أول من استعمل لفظ "شبه الجملة" وذلك في حديثه عن صلة الموصول بالذات، فلي مع ذلك وقفة وفيه رأي يرتبط بالسرّ في استعماله لفظ "شبه الجملة" في هذا الموقف، وأظن أن استعماله المشار إليه هو قوله في الخلاصة:
[وكلها يلزم بعده صلة * على ضمير لائق مشتملة
وجملة أو شبهها الذي وصل * به كمن عندي الذي ابنه كفل]
من المعروف أن النحاة يختلفون في الخبر الواقع ظرفاً هل يتعلق الظرف بمحذوف أم لا، ثم يختلفون في نوع المحذوف أمن قبيل المفرد أم من قبيل الجملة (الفعلية)، كما أن كثيراً منهم يرون أن المتعلَّق به المحذوف في صلة الموصول الواقعة ظرفاً من قبيل الجملة (الفعلية)، لوجوب كون الصلة جملة.
وبناء على ما تقدم يظهر لي أن "شبه الجملة" تطلق على أحد الشيئين: الشيء الأول: كل ما يتعلق من الظرف والجار والمجرور بكون عام محذوف يتراوح بين مفرد جملة، فعلى هذا فـ"شبه الجملة" هي بمعنى "شبه الجملة والمفرد" كما صرّح به في بعض الكتب، وسميت "شبه جملة" على سبيل الاكتفاء مثل قوله تعالى: (سرابيل تقيكم الحر) أي تقيكم الحرّ والبرد، والشيء الثاني: كل ما يتعلق من الظرف والجار والمجرور بكون عام محذوف وهو جملة فقط، فيبدو لي أن هذا الأخير هو الذي قصده ابن مالك في البيت حيث كان حديثه عن صلة الموصول، ولم أجد استعماله لهذا اللفظ في غير هذا الموضع من الخبر والحال والنعت، (فهذا مجرد رأيي وهو محتمل للخطإ)، فاستعمال ابن مالك "شبه الجملة" هنا مثل استعمال القدماء عبارات مثل "من قبيل الجملة، أو بمنزلة الجملة، أو في حيز الجملة"، فهذا ظاهر قول ابن مالك "أو شبهها" في سياق صلة الموصول. خلاصة القول: شبه الجملة عند ابن مالك في هذا الموضع بالذات هي الظرف المشبه الجملة أي الظرف الذي هو من قبيل الجملة. والله أعلم
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[19 - 01 - 2007, 12:10 م]ـ
أشكرك أخي الكريم سميّ سيبويه أبي بشر
يحتاج اصطلاح شبه الجملة عند ابن مالك إلى دراسة، فإن وجد أنه استعمل هذا الاصطلاح في صلة الموصول وحدها استنتج أنه يريد بشبه الجملة الظرف المتعلق بفعل محذوف تقديره استقر لا باسم فاعل (مستقر) وتعليقك في محله لأن المتعلق بكون عام مقدر باسم فاعل يشبه المفرد لا الجملة.
وأرى أنه لا فائدة في استخدام هذا المصطلح فالظرف إما أن يكون جملة إن تعلق بكون عام تقديره استقر وإما أن يكون مفردا معمولا لكون خاص.
مع التحية الطيبة.