فإنّ ممّا يضعّف قوله في حكمة ترتيب ذكر الفرق في آية البقرة، أنّه جعل (الذين آمنوا): آمنوا بكتب الله المتقدّمة مثل صحف إبراهيم، ثمّ عطف عليهم الإيمان بالكتب التالية لصحف إبراهيم وهي التوراة والإنجيل .. فتخصيصه (الذين آمنوا) بأنّهم الذين آمنوا بالكتب المتقدّمة تخصيص بلا مخصِّص، ولا دليل عليه، بل هو خلاف الظاهر، ولم يُعرف هذا القول فيما نُقل عن الصحابة والتابعين ..
ثمّ إنّ المعطوف على (الذين آمنوا) "الذين هادوا والنصارى"، وليس "الذين آمنوا بالتوراة والإنجيل"، فتخصيص "الذين هادوا والنصارى" بأنّهم المؤمنون بالتوراة والإنجيل فيه تجوّز واضح ..
ولم تأتِ صيغة (الذين آمنوا) في استعمال القرآن إلا كعلمٍ على الطائفة المؤمنة برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم تأتِ - على كثرة ورودها فيه - بغير هذا المعنى .. ولعلّ الذي دفع الخطيب الإسكافي إلى القول بهذا القول هربه من مواجهة الإشكال الذي ينتظره في تتمّة الآية: (مَن آمن بالله واليوم الآخر) فيما لو فسّر (الذين آمنوا) بالمؤمنين من أمّة محمد صلى الله عليه وسلم ..
إذ كيف يُقال: "إنّ الذين آمنوا ... مَن آمن منهم"؟
ولكن القول الذي ذهب إليه الخطيب يَحُلُّ هذا الإشكال، إذ يكون المعنى: إنّ الذين آمنوا بكتب الله ... مَن آمن بالله واليوم الآخر .. وهو حلّ مقبول لو كان له دليل يستند إليه، إلا أنّ ما أوردناه على هذا القول يجعله بعيداً غير مقبول ..
هذا فيما يخصّ آية سورة البقرة .. وأما بالنسبة لآية سورة المائدة فإنّ الذي يلفت النظر في ما ذكره الخطيب من أنّ الترتيبين يؤولان إلى ترتيب واحد، لا تظهر له حكمة في اختلاف ترتيب الآيتين، وكان عليه أنْ يبيّن لنا لماذا جاءت آية المائدة على الترتيب اللفظي المخالف لسورة البقرة إذا كانت توافقها نيّة وحقيقة؟
غير أنّ ما سكت عنه الخطيب قد أوضحه غيره .. فقد بيّن ابن الزملكاني الحكمة من هذا الترتيب، يقول: "فإن قلت: فما فائدة هذا التقديم؟ قلت: فائدته التنبيه على أنّ الصابئين يُتاب عليهم إنْ صحّ منهم الإيمان والعمل الصالح، فما الظنّ بغيرهم؟ وذلك أنّ الصابئين أبين هؤلاء المعدودين ضلالاً وأشدّهم غيّاً، وما سُمّوا صابئين إلا لأنّهم صبئوا عن الأديان كلّها، أي خرجوا" ..
وبمثل هذا التعليل علّل كثير من المفسّرين والمعربين وجه الترتيب في آية المائدة، وذلك بناءً على إعراب "الصابئون" الذي ذهب إليه سيبويه، وأنّها مقدّمة من تأخير ..
وإذا كان هذا الذي ذكروه في تعليل ترتيب آية المائدة صحيحاً ومقبولاً، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه وينتظر إجابة هو: لماذا لم تأتِ آية البقرة على نفس ترتيب آية المائدة لتحقّق ذلك المعنى؟ وما الحكمة من تأخير الصابئين في آية البقرة؟ هذا ما لم نجد عنه إجابة في الأقوال المذكورة!
ودمتم ..
ـ[أحمد الحسن]ــــــــ[01 - 02 - 2007, 12:14 ص]ـ
أخي مغربي
إنني معك فيما تقول,
وأوجه للأخ الفقيه تحية، قائلا له: ومتى أحصى النحاة أقوال العرب فوضعوا لها القواعد؟ أليست القواعد جاءت بعد اللغة؟! وأليس القرآن جاء على لغة العرب؟ وهذه العلل جاء بها الخليل، وقال: هذه علل اعتللتُ بها، ومن ..... فليأت.
وثانيا إنّنا لا نناقش مسألة من الأصول النحوية، ولتكن من الأصول، فأسألك قائلا لك: فكم من نحويّ قديم قد خالف بعض الأصول النحويّة في توجيهه لهذه الآية، وإنْ أردت الاستزادة فانظر: شذور الذهب لابن هشام، واللباب للعكبري، وكذلك التبيان له، و ...
أخي الحبيب الفقيه
أقول: إنّ القواعد النحويّة وضعت، وكلّ ما يرد خارجا على القاعدة أباح النّحاة لأنفسهم أن يجدوا له تخريجا، لئلا يغيّروا القاعدة التي وضعوها، وكأنّ القاعدة أصبحت مُنزلةُ لا تتبدّل ولاتتغيّر!!!!!!.
فسبحان الله!!!
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[01 - 02 - 2007, 12:33 ص]ـ
أخي الحبيب أحمد إسماعيل: عليك بباب من النحو يطرد ودعك من الشواذ والمخالفات وأنا أقصد من كلامي أن النحاة قرروا باستقرائهم للغة أن خبر إن لا يتقدم على اسمها إلا إذا كان شبه جملة .... فلا تخرق المشهور وإن قال به بعضهم مثلا لأن بتتبع النادر والشواذ لن تكون هناك قاعدة محكمة واقرأ في فكر النحاة وأطوار النحو العربي لتتضح لك الصورة أكثر والله أعلم
أخوك أحمد الفقيه الزهراني
ـ[أحمد الحسن]ــــــــ[01 - 02 - 2007, 12:40 ص]ـ
أخي أحمد الفقيه
يبدو أنك لا تؤمن بالجديد
سأعطيك مثالا على الجديد
من المعروف أن من الجارة لا تأتي إلا حرف جر، فانظر في مجيئها اسما في بحث قيم نُشر في مجلة جامعة أم القرى
والبحث محكم من علماء
ما رأيك
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[01 - 02 - 2007, 12:55 ص]ـ
هل يسركم هنا إغلاق النافذة 00؟!!
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[01 - 02 - 2007, 01:36 ص]ـ
أخي الشيخ أحمد اعتذر إليك عما بدر مني وأرجو أن تعفو عني ولا يكن في نفسك علي شيء وأسأل الله ألا نختلف .........
أخي الشيخ أحمد أود أن أعرف عدد المجلة أو عنوان البحث مع اسم الباحث ولك شكري مصحوبا باعتذاري وأسفي!!
¥