تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأولى من المسند، وعلل الحديث كانت أول رسالة أشرفت عليها في ذلك التخصص في علل الحديث وأحوال الرجال في رواية المروزي عن الإمام أحمد، وهذه الرسالة نوقشت وانتهت قبل أن يطبع الكتاب بحوالي عشر سنوات، وأيضاً علل الحديث لابن أبي حاتم الرازي، والدارقطني.

(البيان): من خلال إشرافكم على حوالي مائة وأربع رسائل علمية في الدراسات العليا ما بين ماجستير ودكتوراه في الحديث وعلومه، ما هي توجيهاتكم للباحثين في مجال البحث العلمي عموماً ومجال السنَّة والاعتناء بها على وجه الخصوص؟

أولاً: أوصي الباحثين ألا يقتصروا في تكوين الخلفية العلمية على المقررات الدراسية؛ لأن المقررات الدراسية مهما بلغت لا يمكن من خلالها أن تتكون لدى الطالب الملكة العلمية التي تجعله ملمّاً دارياً بالحديث، فضلاً عن أن يكون دارساً متخصصاً، وحتى يكون الباحث باحثاً فعليه أن يديم الاطلاع بحسب ما يسمح به وقته ولا يقف عند مرحلة معينة، ويكون لديه اهتمام متواصل بالبحث في دائرة اختصاصه، وما يخدمها، لا سيما اللغة، وأن يكون هذا الاهتمام بالاطلاع الشخصي وبالمذاكرة مع أقرانه وبالمباحثة مع أساتذته، وأن يكون كل هذا مشمولاً بالحسنى وبحسن الخلق وعدم التعالي أو إظهار حظ النفس؛ فالعلم بدون حسن الخلق يكون وبالاً على صاحبه.

ثانياً: المحافظة على الوقت. ولا بد أن أذكر في هذا المجال أن قيمة الوقت في حياة الباحث العلمية تساوي أن يكون أو لا يكون؛ فالوقت لا بد أن يُحسب في عمر الباحث بالدقائق.

الأمر الثالث: أنه لا بد أن يكون لدى الباحث خلفية علمية أوسع من دائرة التخصص الدراسي الذي يريده، فإذا أراد مثلاً أن يكتب في المصطلح فلا يقصر اطلاعه على المصطلح؛ لأنه لو قصر اطلاعه على مادة المصطلح يخرج بحثه غالبا تكراراً، أو ربما يصعب عليه الابتكار أو الإضافة من خلال كتب المصطلح نفسها، فإذا ما وسع دائرة اطلاعه على كتب السنة عموماً؛ مثل كتب المتون، وكتب الشروح وكتب الرجال، ملك زمام البحث ولانت له الأفكار واستطاع أن يفيد؛ لأن هذه الفروع كلها يخدم بعضها بعضاً، وفي كل منها ما يفسر الإجمال ويجبر القصور في الآخر.

الأمر الرابع: أن ينوِّع العمل في الدراسات أو البحوث بين التأليف والتحقيق، فلو أنجز الطالب بحثاً في تحقيق كتاب معين؛ يحسن به أن يعمل في المرحلة التالية في التأليف، فإذا أخذ الماجستير في التحقيق ثم أخذ الدكتوراه في التحقيق أيضاً تكون إفادته وهو أستاذ بعد ذلك في التأليف محدودة، وكذلك لا يقصر عمله على التأليف؛ فالاقتصار على أي من الجانبين يصنع تحيزاً لدى الباحث قد يحرمه من خير كثير؛ فكلا النوعين يغذي كل منهما الآخر؛ فماذا تؤلف إذا لم يكن عندك نصوص؟ وكيف تخدم النصوص إذا لم يكن عندك ملكة التأليف والتعبير؟ فمن مجموع الأمرين يمكن أن تتكون الشخصية العلمية بتوفيق الله عز وجل.

(البيان): في إطار التكامل بين العلوم الشرعية: كيف توظف علوم الحديث في خدمة العلوم الأخرى؛ يعني هل هناك نوع من التنسيق والتوافق أو التزاوج والتلاقح بين الأقسام العلمية كما يحدث في التخصصات الإنسانية والمادية؟

التكامل أو التغذية تحتاج إلى تعاون، فإذا لم يوجد رغبة من أقسام الشريعة كالفقه وأصوله مثلاً، للاستفادة من خبرة الحديث والعكس فإن ذلك التكامل لن يكون، وأذكر أنه حدث مثل هذا الموقف ونحن ندرس في جامعة الإمام محمد بن سعود حيث طلب إلينا في قسم الحديث أن نفيد طلاب قسم الفقه والأصول بالخبرة الحديثية بناء على أنهم يتعاملون مع نصوص شرعية وأدلة، فما كان منهم إلا أن قالوا نوافق بشرط أن تأخذوا أنتم أيضاً من تخصصنا أكثر مما تأخذون، فكان هذا المثال لعدم الرغبة في التعاون مما سبب الفصل أو سبب عدم التزاوج بين خبرة المحدث وبين عمل الفقيه. وعلى الطريق الآخر وهو طريق التكامل وجدنا قسم العقيدة وقسم التفسير في نفس الكلية في أصول الدين: فالعقيدة تدرس في كلية أصول الدين في جامعة الإمام من خلال الكتاب والسنة وليس من خلال الجانب العقلي أو المنطقي فقط، ومن ثم يحتاج من يدرس هذا التخصص أن يكون ملماً بالحديث وبتخريجه وبدراسة إسناده وببيان الصحيح من الضعيف بأدلته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير