فتم نوع من التكامل الذي يحتاج إلى تعضيد. مثلاً قسم التفسير وقسم العقيدة في الكلية كان يأتي إلى نهاية التخرج بعد أن يدرس الطالب في قسم الحديث إلى مرحلة الليسانس فيختار المعيدين في قسم العقيدة من قسم الحديث، والمعيدين في قسم التفسير بعضهم أيضاً من قسم الحديث، على أساس أن يخدم بالسنة هذين التخصصين، وقد نجح المسؤولون في قسمي العقيدة والتفسير آنذاك في إدخال تدريس طلبة الدراسات العليا مادة عن التخريج ودراسة الأسانيد، والحمد لله كان لها نجاح كبير.
(البيان): من خلال تدريسكم في أشهر جامعتين إسلاميتين: الإمام محمد بن سعود والأزهر، هل تجدون فرقاً كبيراً بين الجامعتين؟
من جهة المنهج الفرق ليس كبيراً، بل متقارب بسبب أن وضع المناهج مرتبط بمسألة معادلة الشهادات، كما أن الذين وضعوا مناهج جامعة الإمام معظمهم من الأزهر.
أما التمايز فيأتي من عاملين اثنين تميزت بهما الدراسة المنهجية في جامعة الإمام عن دراسة المناهج نفسها في جامعة الأزهر:
العامل الأول: هو توفر الإمكانات على مستوى المؤسسة وعلى مستوى الطلبة في جامعة الإمام، وهو الذي جعل المواد الدراسية تنجح بدرجة كبيرة؛ فعلى سبيل المثال كلية أصول الدين في الرياض كان لديها لمادة تخريج الحديث خمسة معامل كل معمل فيه مائة مقعد وكل مقعد عليه مكتب يحمل نسخة من الكتب التي في مقرر التخريج؛ أي نسخة لكل طالب؛ بحيث إنك إذا أدخلت مائة طالب للمعمل، فإن طالباً لن يحتاج أن يستعير من الآخر كتاباً، وأنت إذا درّست تطلب فتح الكتاب الفلاني تجد النسخة التي أمامك ـ أنت يا أستاذ ـ هي الموجودة عند كل طالب، وقل الشيء ذاته عن إمكانيات الطالب. وهنا أذكر أن طالبة في السنة الأولى من الدراسات العليا بقسم السنة وعلومها كانت تمتلك في مكتبتها أكثر من ألف كتاب مخطوط مصور فضلاً عن المطبوع.
أما في مصر فتوفر المكتبات العامة يمكن أن يعوض على الأقل 80% مع توفر الهمم.
العامل الثاني: هو الحرص على الاستفادة بالوقت سواء وقت الأستاذ أو وقت الطالب في جامعة الإمام، وأذكر من حرص بعض تلاميذي الأفاضل على ذلك أن أحدهم إذا دق جرس البيت ولم أسعفه بالخروج إليه ـ ربما لدقائق ـ فإذا فتحت أجده يقرأ في كتاب معه إلى أن أفتح له الباب، فإذا ما اعتذرت عن بعض التأخر؟ يقول: لا عليكم أنا أستغل وقتي حتى تفتح الباب.
قيمة الوقت نراها كذلك لدى الإدارة والأساتذة، ولهذا يستفيد الطالب من وقت الدراسة منذ أول لحظة، بل أقول إن هناك جدية وحزماً في عنصر الوقت داخل العملية التعليمية، بكل أطرافها وسيرورتها، وعلى أكمل وجه، وفي عملية الرقابة والإدارة. في جامعة الإمام نجد حزماً وحساسية شديدة تجاه الوقت عما هو موجود في الأزهر.
وكلا العاملين له أثره في عملية إعداد الفرد؛ فالعضو في هيئة التدريس الذي بمرحلة الماجستير أو الدكتوراه بجامعة الإمام إذا قست معدل تحصيله العلمي في تخصصه والعضو المماثل له في الأزهر تجد أن الذي هناك متميز بقدر توافر العاملين له.
(البيان): العمل الخيري له إسهامه المشكور في نشر العلم: ما هي المجالات العملية التي ترى أن يتوجه إليها العمل الخيري؟
أنا أتمنى أن تكون هناك جهات وقفية تدار بطريقة ناجحة ومنظمة لتصب في مصلحة العمل تتبنى مثلاً كرسي دراسات إسلامية في جامعة، مثلما يوقِفُ بعض المسلمين أموالهم على كراسي دراسات إسلامية في جامعة مثل كمبردج، فحبذا لو وجدت مثل هذه الخدمة من الأوقاف أو توجهت نحو هذا المجال؛ لأنها بلا شك ستكون عاملاً مساعداً؛ ولتكن هذه النافذة أولاً تبنِّي باحثين يعرف أن عائقهم الوحيد هو الماديات، وتوفر لهم إمكانات البحث بحيث يخرج عملهم في خدمة التراث وفي خدمة علوم الحديث على الوجه المطلوب.
¥