تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تمسكت بأهداب الإصلاح في إطار سياق النسيج الشرقي ولم تستورد شروط النهضة ونماذج التغيير والتربية من بيئة غريبة ومصادر مريبة.

ترى عائشة أن الله سبحانه اختص الإنسان بالعلم ليحمل الأمانة التي تتضمن القيام بالمسئوليات وتحمل تبعات التكليف. لا تتفق عائشة مع القصص الذائعة التي تسللت إلى كتب التفسير والتي تقول أن حواء كانت سبب خروج آدم من الجنة. من الواضح أن عائشة شنت هجوماً واسعاً على الذين يرون المرأة بمنظور واحد ينحصر في وصف النساء بأنهن مادة للشهوة والمعصية والإغراء. ذكر المفسرون مثل الطبري والألوسي (العقاد، 1997 م، ص 18، 19) قصصاً تسربت من بنى إسرائيل تنص على أن حواء سبب إغراء وغواية آدم ولكن عائشة رفضت قبول ذلك وفندت هذه المزاعم التي لا تتناغم مع ركائز القرآن الكريم.

تعلقت بنت الشاطئ بالقرآن الكريم الذي كرم المرأة فطالبها بمشاركة الرجل في تعمير الحياة وإدارة الأمور بإرادة قوية كما حذرت في ذات الوقت من مدسوسات الإسرائيليات وأباطيل الأساطير التي شابت تراثنا الفكري وتركت أثرها في ممارساتنا لا سيما في قضايا المرأة. كما تقوم فلسفة عائشة التربوية على الترفق في تربية النساء إذ لا يمكن توجيههن وإرشادهن بالشدة. لقد حذرت عائشة من أخذ النساء بالشدة لأنه منهج يخالف فطرة الإنسان كما أن الغلظة آفة وقع فيها من يفهم النصوص الدينية بحرفيتها.

ألف الشيخ الغزالي كتاب كنوز من السنة وخصص فيه فصلاً لشئون المرأة والأسرة وحذر الأمة المسلمة من مغبة الفهم الخاطئ للنصوص الشرعية فمازالت كفة الرجال هي الراجحة ولولا انتصار حضارة الغرب في العصر الحديث لم يُسمح للمرأة بالتعلم في مدارس وجامعات الديار الإسلامية كما يمكن أن نستنتج من كلام الغزالي (ص 161). ثم انتقد الغزالي مؤتمر المرأة في بكين وشرح أن "الإسلام لا يهين المرأة" ولكن بعض المسلمين اعتمد الأحاديث الموضوعة والضعيفة في تأديب المرأة فاعتقد أن الرجل حر في ضربها، ولهذا فإن تراثنا يحتاج إلى تنقية دقيقة. المرأة ضلع أعوج كما ورد في السنة الصحيحة بمعنى أنها عاطفية: "كي تلد وتربي وتتحمل الأعباء" وهذا لا يضيرها ولا يكون سببا لإهانتها وضربها (ص 165). ترى عائشة عبدالرحمن أن الضلع تعبير مجازي، إنما هي وصية من نبي الإسلام بالرفق بالمرأة والتحذير من أخذها بالشدة، مثل قوله عليه السلام، "رفقاً بالقوارير" ... فهل خلقت النساء من القوارير(الصاوي، 1995 م، ص 22، 53). وكلام عائشة بنت عبدالرحمن يتفق في مخرجاته مع كلام الغزالي إذ أن المعنى الحرفي للحديث قد يحدد عند البعض طرائق خاطئة لعلاقة الرجل بالمرأة لا سيما في وسائل تأديبها.

وصفت عائشة واقع المرأة المعاصرة ورسالتها فقالت: "تشغلني قضايا، أهمّها: تلبُّس الإسلام بالعنف والإجرام، واستمرار اللغو في قضايا المرأة وموضعها في الإسلام. وعن نفسي طوَّفت في الآفاق لأسأل عمَّا أعطاني الإسلام، وتأكدتُ أنّ الإسلام أعطاني ما لو ظللتُ أكدح إليه العمر كلّه ما بلغته، وأحتاج لإعادة النظر في قضية المرأة والإسلام، وأخشى أن تكون الحركة النسائية المعاصرة أوقعت النساء في خصومة مع الرجل، مع أنّ ما بيننا وبينهم ليس تنافساً أو سباقاً، لكننا رفاق رحلة عمر لا نستغني عنهم ولا يستغنون عنّا، ومن غير المتصوّر أن تقوم الحياة على الرجل وحده؛ لأنّ هذا ضد الفطرة والدين، إضافة إلى أن تأثير المرأة أخطر بجانب الرجل الذي تحمله جنيناً وترعاه رضيعاً وصبياً، فهل ممكن أن نقول إن نصف رئة المجتمع معطّلة؟ وهل تكون المرأة بلا عمل لو تفرّغت للأمومة؟ " [1].

قرنت ابنة الشاطئ التربية بالفضيلة الأفلاطونية الطاهرة فطالبت بمحاربة الرذيلة والإسراف. كانت تلك رسالتها قبل أن تبلغ العشرين من عمرها وعندما بلغت مجدها العلمي والأدبي استمرت في أداء رسالتها التي هي نواة شجرة فينانة ذات ظل وريف (البيومي، 1999 م، ج5، ص 265). تقول الأستاذة هبة رؤوف عزت (2002 م) "لم تكن بنت الشاطئ كاتبة ومفكرة وأستاذة وباحثة فحسب؛ بل نموذجًا نادرًا وفريدًا للمرأة المسلمة التي حررت نفسها بنفسها بالإسلام". ويطالب بعض التربويين مثل لطيفة الكندري بضرورة دراسة شخصية عائشة من زاوية تربوية فتقول "إننا نرى أن من حق هذه العالمة الجليلة أن ندرس مسيرة كفاحها ونستلهم منها الدروس

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير