تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولقد كنت أقول لبعض الأخوان هذه صحيفتنا لماذا لا ننتقد أنفسنا بأنفسنا، فالصحابة كانوا ينتقدون بعضهم البعض وكانوا أخواناً متحابين. ثم في الأخير شرح لي الشيخ نظامهم ووجدته أقرب شيء إلى الصورة المثالية فقد قال لي: نحن لا نصدر كثيراً من القرارات، إلا في مسائل مهمة جداً، وما عدى ذلك فالناس أحرار، وإذا اجتمعنا لا أكاد أذكر أننا مرَّرنا شيئاً بالأغلبية، ولكن حتى إذا خالف البعض أرجأنا الاجتماع حتى نقنعهم فقلت له نفرض أنكم كلكم أتفقتم وأنا في باكستان الغربية، وكانت باكستان آنذاك شرقية وغربية قبل الانفصال.

فقال لي: تكون فوضى فأجبته بالنفي فأنا ألتزم بالعمل، فمثلاً قلتم أن المرأة تدخل البرلمان أو لا تدخل وأنا رأيي مخالف، فإذا كنت أرى أنها مسألة اجتهادية أوافق من الناحية العملية لكن إذا سألت أجيب بما أراه، وما زالت أرى أن هذه واحدة من آفات التنظيمات الإسلامية المعاصرة، وهذا شيء أخذناه –للأسف- من أسوأ الحركات الغربية وهي الشيوعية فالحركة الشيوعية تنظر إلى قرار الحزب أنه قرار باسم الشيوعية فمن يخالفه يخالف الفكر الشيوعي ونحن ليس لدينا شيئاً من هذا، عندنا الكتاب والسنة والإجماع، إذاً فالذي يخالف في التنظيم لا يخالف هذه الأصول بل يخالف رأي التنظيم لا غير.

وقد ألقيت محاضرة ضمنتها ما ذكرته سابقا، ونشرت وهي نفس الرسالة التي أشرت إليها سابقاً، وبعد انتهائي من المحاضرة أتاني شاب في اليوم التالي وقال لي أنه من حركة أخرى، لكنه وجد كل العيوب التي ذكرتها في المحاضرة موجودة في حركته، فكان هذا شيئاً مخيفاً لا يطمئن بالنسبة لي. لذلك نحن مازلنا بحاجة إلى أسلمة الفكر التنظيمي، مثلاً كيف يختار القائد وما مدى مسؤولياته وصلاحياته، وما مقدار التزاماته وحريته في التنظيم.

العصر: نعود إلى الكتب، ونسأل الشيخ جعفر عن معدل قراءته اليومية؟

الشيخ جعفر إدريس: أولاً أنا بطيء في القراءة، وأذكر أني عندما كنت في بريطانيا حضرت دورة في زيادة سرعة القراءة فتعلمت شيئاً من الناحية النظرية، لكن بالرغم من ذلك كنت من البطيئين في القراءة في الفصل، لكن الذي آنسني نوعاً ما أن المدرس أخبرنا أن هناك مهارات أخرى غير سرعة القراءة، فبدا يسألنا فكنت الأول، فضحك المدرس قائلاً: لأنك بطيء القراءة طورت المهارات الأخرى" وظني أن سرعة القراءة متعلقة بسرعة الكلام وأنا لست سريعاً في أي منهما، ولقد استفدت من الدروس التي حضرتها وقد أقنعني المدرس أن البطء ليس من العقل ولكنه من العينين فالذي يدرب على القراءة كلمة كلمةمنذ الصغر لو أنه وسع المجال تدريجياً لصار يقرا ربما يقرأ سطراً كاملاً كما يفعل الكثير من سريعي القراءة.

وعلى العموم بالرغم من كوني بطيء القراءة لكني أقرا كثيراً، وممّا استفدته من الشيخ ابن باز في هذا المجال –ولو كان متأخراً- أنه رحمه الله بذاكرته القوية وحرصه على فهم كل سطر يسمعه يركز اهتمامه على بعض الكتب ويحرص على سماعها عدة مرات فأنا سمعت أنه قرأ صحيح مسلم أكثر من ستين مرة، ولذلك كانت الأحاديث تسيل لديه كالماء.

وقرأ البداية والنهاية سبع مرات، فكان دائماً يتكلم عن المذاكرة، قائلاً: أن العلم يضيع بدون مذاكرة، ولم أكن أقرأ الكتاب أكثر من مرة ربما لبطئي في القراءة- إلا نادراً.

وأنا في قراءتي واسع الاهتمامات، لا اقتصر على مجال واحد، فأقرا في الأدب الإنجليزي بمجالاته المتعددة، وأقرأ الكتب الفكرية والفلسفية والسياسية وعندي اهتمام بالكتب العلمية خصوصاً التي تكتب لعامة المثقفين، واستفيد منها وقد تحدثت عنها في كتابي عن وجود الخالق، حتى الكتب التي قد تشرح جانباً معيناً في المجال العلمي، فأنا أقرأ الآن –مثلا- كتاباً في الجينات فهذا موضوع مهم، كما أحب قراءة كتب الفلك فقرأت كتباً كتبها فيزيائيون عن ما يسمى بالانفجار العظيم، وخصوصاً الكتب التي تثير قضايا فلسفية مع كونها علمية، وللأسف أننا تنقصنا أمثال هذه الكتب في اللغة العربية مع أهمية هذا الموضوع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير