تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن ترفعوا رؤوسكم لأنكم أبناء المجاهد الطاهر عبد الحميد كشك.

مع أسرته

وفي لقاء المجتمع بأبنائه رحمة الله عليه، كانت لنا لقاءات مع أفراد الأسرة جميعاً .. وظل أبناؤه يتحدثون عن مآثره كوالد ومُربٍ .. فقال ابنه عبد المنعم: هل تعلم أن والدي لم يضرب أي واحد منا نحن الثمانية طوال حياته أبداً .. وهل تعلم أنه قام بتحفيظنا القرآن الكريم بنفسه، رغم ضيق وقته، وكثرةُ شواغله وهمومه، ثم قال: كان والدي – رحمه الله – يظل في محبسه هذا بجوار الهاتف، يرد على أسئلة واستفسارات الناس لمدة طويلة كل يوم كانت تصل في بعض الأيام إلى أكثر من خمس ساعات .. وعندما كنا نشفق عليه من هذا الجهد المزعج، كان يقول: لا بد أن أعمل هذا، لكي يكون راتبي من وزارة الأوقاف حلالاً.

ثم قال: إن ابنتي " هالة " هو الذي سماها بهذا الاسم .. وعندما سألناه لماذا؟ قال: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُحب هذا الاسم، لأن خديجة أم المؤمنين رضوان الله عليها كان لها أخت اسمها هالة، وكانت تشبهها تماماً، وبعد وفاة السيدة خديجة كانت أختها هالة كلما رآها الرسول صلى الله عليه وسلم ازداد سروراً، وكان كلما طرق بابه طارق يقول: اللهم هالة.

لذلك فقد أطلق عليها هذا الاسم الحبيب للحبيب صلى الله عليه وسلم، ونحن نعتبر أن الذخيرة التي تركها الراحل الكبير من الأشرطة التي تضم خطبه ودروسه، كانت من أهم روافد التربية الاسلامية خلال العشرين سنةً الماضية، وقد كتب الله لها الذيوع والانتشار في شتى أنحاء الأرض، وقد وصلت إلى 425 خُطبة جمعة، وأكثر من ثلاثة آلاف درس، وكانت آخر خطبه رضوان الله عليه هي الخطبة رقم 425 الشهيرة قبيل اعتقاله عام 1981 م، والتي بدأها بقوله تعالى " ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار، مهطعين مُقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدنهم هواء " (إبراهيم: 42، 43)، وظل بعدها رهين المحبسين إلى أن لقي ربه ساجداً في الخامس والعشرين من شهر رجب لعام 1417 هـ الجمعة الموافق 6 ديسمبر لعام 1996 م.

ليلة العزاء

كان صورة أخرى من جموع مسجد عين الحياة، حيث توافد مئات الآلاف من شتى أرجاء الحمهورية، بل وحضر الكثيرون من الدول الإسلامية لتقديم العزاء في الشيخ الجليل الراحل.

تحدث في هذه الجموع الحاشدة الأستاذ مصطفى مشهور – المرشد العام للإخوان المسلمين – الذي أشار في كلمته إلى الرحلة الجهادية والدعوية للشيخ كشك، وقال: إن رحيل الدعاة إلى الله كالدكتور عبد الرشيد صقر، والشيخ كشك لهو شكوى خالصة إلى الله عز وجل، وقال: إن الشيخ كشك كان واحداً من فرسان المنابر القلائل والمعدودين، وكان من الدعاة المخلصين العاملين وإننا جميعاً نتعزى فيه، ونسأل الله أن نفيد من علمه الذي ملأ الدنيا وأنار بصائر الناس.

كما تحدث فضيلة الدكتور محمد عبد المنعم البري – رئيس جبهة علماء الأزهر – الذي قال: إن حُزني على الشيخ كشك لا يعدله حُزن أبداً .. ذلك لأنني كنت البديل له عندما يتغير عن منبره، وإن اخوتي له تستمر على مدى خمسة وثلاثين عاماً، ما عهدته خلالها إلا أسداً من أسود الحق لا يبالي في الله لومة لائم، وكان يعتبر نفسه جندياً في أرض الرباط، ولذلك رفض الرحيل من مصر رغم العروض والإغراءات التي انهالت عليه من كل مكان، ولكنه كان يقول: إن فرار العلماء من مصر خلال هذه الفترة العصيبة من تاريخها، كالتولي يوم الزحف، لأن مصر هي قلب العالم الإسلامي، وإذا مات القلب مات الجسد كله.

أما الشيخ تاج الدين الهلالي – مفتي قارة أستراليا وأحد الأصدقاء المقربين جداً من الشيخ كشك – فقال في كلمته: لقد حدثته من يومين بالهاتف، فقال لي: أقبل لكي أراك .. لعلها رؤية مودع، وبالفعل كانت رؤية مودع، ثم قال فضيلته في كلمة العزاء التي هزّ بها جموع المعزين: أما آن للأيدي الشلاء التي قيدت كلمات الله، وكبلت الدعاة إلى الله أن تفيق، فإن عدونا على الأبواب، فأفيق أيها الناس فإن الأمر جد خطير، وما عهدنا مصر هكذا .. تأكل أبناءها ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير