تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتحدث كذلك بين التلاوات القرآنية المتعاقبة لمشاهير القراء، كل من الدعاة الإسلاميين: الشيخ طه السماوي، والشيخ نشأت الدبيس، والدكتور عاطف أمان، والشيخ شعبان الغرباوي، وكيل أول وزارة الأوقاف، الذي قدم عزاء الوزارة في الشيخ الجليل الراحل، ثم تحدث المهندس إبراهيم شكري – رئيس حزب العمل، والمفكر الإسلامي الدكتور جمال عبد الهادي، والشيخ المجاهد حافظ سلامة – رئيس جمعية الهداية الإسلامية، الذي بكى وأبكى الناس باستعراضه عدداً من المواقف الجليلة للشيخ كشك رحمة الله عليه.

ثم تحدث الداعية الكبير الشيخ يوسف البدري، والشيخ المجاهد أحمد المحلاوي، الذي قال: أحسن الله عزاءنا معشر المسلمين، وعظم الله أجرنا بني الإسلام، ورحم الله ميّتينا .. ففي أسبوع واحد لقيا ربهما عالمان جليلان، وداعيان إسلاميان عظيمان، ما أحسب أن التراب الذي واراهما سوف يطمس اسميهما في أذهان وقلوب وأسماع الملايين، بل لعل وفاتهما تجعل من علميهما زاداً ومداداً على الطريق ... عرفتهما المعتقلات – كما عرفت غيرهم من الرجال – أمثلة للصبر والسداد وعرفتها المنابر من فرسان الحق الذين يجولون به وله، وعرفتهما ساحات العطاء الإسلامي، والإصلاح الاجتماعي .. ينزلان على الناس بردا وسلاماًً، كما ينزل ماء السماء فيحيي به الله الأرض بعد موتها.

ولك وحدك يا رب نقول: " إلى الله المشتكى ".

مفاتيح شخصيته

وأخيراً. إذا أردنا أن نضع مفاتيح لشخصية الداعية الكبير الراحل الشيخ عبد الحمد كشك .. فإننا نرى أنها تتلخص في أربعة أمور:

أولاً: الإخلاص العميق في كل علم وعمل.

ثانياً: الصدق والثبات والشجاعة إلى أقصى حد.

ثالثاً: الذكاء الحاد وخفة الظل التي قرّبت منه مفاهيم الدعوة للناس.

رابعاً: المواخب الشخصية التي حباه الله تعالى بها، كالذاكرة الذهبية، واللباقة والفصاحة التي لا مثيل لها.

وإذا كنا نذكر في عصرنا الحاضر للشيخ الشعراوي مثلاً أنه قد جعل من علم التفسير علماً شعبياً، ونذكر للشيخ الغزالي – رحمة الله عليه- أنه الحكيم الأول للدعوة الإسلامية المعاصرة، ونذكر للقرضاوي أنه فقيه الصحوة الإسلامية العالمية، ونذكر للشهيد سيد قطب أنه المفسر الدعوي للقرآن الكريم، ونذكر للمرحوم سعيد حوى أنه المفكر الموضوعي لعلوم القرآن والسنة، ومن قبل ومن بعد نذكر للإمام الشهيد حسن البنا، أنه البنّاء الأول للفكر الإسلامي المعاصر، فإننا نذكر للشيخ كشك رحمة الله عليه أنه المحامي الأول للحركة الإسلامية المباركة فقد دخل بالدعوة – بالمفاتيح التي سبقت الإشارة إليها آنفاً – إلى كل مكان.

كنت تسمع في أشرطته عند أساتذة الجامعات كما تسمعها عند سائقي السيارات وبائعي الفاكهة والعصائر، وكان يُحبه العلماء والمثقفون، كما يحبه العامة والفلاحون والعمال.

وفي هذه الفترة – فترة إعادة التأسيس للعمل الإسلامي المعاصر – كانت المفاهيم الشمولية للإسلام قد غابت عن الناس كثيراً، وكانت النظرة التكاملية للفكرة الإسلامية قد عبث بها أصابع الإشتراكية والماركسية والناصرية، وكانت رموز العمل الإسلامي تنتقل من كرب إلى كرب، والفضل يرجع – بعد الله تعالى – إلى هذا الرجل الراحل الشجاع، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، فدوّت على المنابر أسماءُ حسن البنا و سيد قطب، و محمد فرغلي، وعبد القادر عودة، ويوسف طلعت، تماماً كما تُدوي أسماء ابن حنبل، وابن تيمية، والعز بن عبد السلام، كذلك كانت لخبرة الشيخ كشك الواسعة في الحياة، وأنماطها الإجتماعية، وتمكنه من طرح رؤيته في مسائل المرأة والشريعة والتربية والجهاد والإصلاح الإجتماعي .. كان لذلك كله أبعد الأثر في التحليق بالدعوة في كل مكان.

وإذا كنا جميعاً نذكر للشيخ كشك أنه يكاد يكون الداعية الوحيد الذي ظل يخطب أربعين عاماً، ما أخطأ مرة واحدةً في اللغة العربية، فإننا كذلك نذكر له أنه كان أحد الثقاة المعدودين في علوم الحديث، فما رجعنا إليه في مُعضلة إلا وجدناه بحراً ذاخراً من العلم الأصيل العميق الدافق، فقد كان رحمة الله عليه يُفتي في مسائل الميراث شفوياً – وكان يحُل أعتى مشكلات الفقه والأصول وكأنه يسكب ماءً زلالاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير