تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الشيخ سابق في مقدمته القصيرة المختصرة التي قدم بها كتابه: هذا الكتاب يتناول مسائل من الفقه الإسلامي مقرونة بأدلتها من صريح الكتاب وصحيح السنة، ومما أجمعت عليه الأمة. وقد عرضت في يسر وسهولة، وبسط واستيعاب لكثير مما يحتاج إليه المسلم، مع تجنب ذكر الخلاف إلا إذا وجد ما يسوغ ذكره فنشير إليه. والكتاب يعطي صورة صحيحة للفقه الإسلامي الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم، ويفتح للناس باب الفهم عن الله ورسوله، ويجمعهم على الكتاب والسنة، ويقضي على الخلاف وبدعة التعصب للمذاهب، كما يقضي على الخرافة القائلة: بأن باب الاجتهاد قد سُدّ. ظل الشيخ سيد يوالي الكتابة في الفقه بعد ذلك، ويخرج في كل فترة جزءاً من هذا القطع الصغير حتى اكتمل أربعة عشر جزءاً، ثم صدر بعد ذلك في ثلاثة أجزاء كبيرة. واستمر تأليفه نحو عشرين سنة على ما أظن. سَدَّ كتاب الشيخ سيد سابق فراغًا في المكتبة الإسلامية في مجال فقه السنة، الذي لا يرتبط بمذهب من المذاهب، ولهذا أقبل عليه عامة المثقفين الذين لم ينشأوا على الالتزام بمذهب معين أو التعصب له، وكان مصدرًا سهلاً لهم يرجعون إليه كلما احتاجوا إلى مراجعة مسألة من المسائل. وقد انتشر الكتاب انتشارًا، وطبعه بعض الناس بدون إذن مؤلفه مرات ومرات، كما يفعلون مع غيره من الكتب التي يطلبها الناس.

ربما انتقد (فقه السنة) بعض المذهبيين المتشددين في اتباع المذاهب، والذين اعتبروا الكتاب داعية إلى ما سموه (اللامذهبية)، وهي – كما قالوا – قنطرة إلى (اللادينية)! وأنا اعتقد أن مؤلف الكتاب - وإن لم يلتزم مذهبًا بعينه - لا يُعَدُّ من دعاة (اللامذهبية) لأنه لم يذم المذاهب، ولم ينكر عليها. كما أعتقد أن مثل هذا النوع من التأليف ضرورة للمسلم الجديد، الذي يدخل في الإسلام الواسع دون التزام بمدرسة أو مذهب، وكذلك المسلم العصري الذي لا يريد أن يربط نفسه بمذهب معين في كل المسائل، بل يأخذ بما صح دليله، ووضح سبيله. كما انتقد الكتاب بعض العلماء الذين يرون أن الشيخ – وقد تحرر من المذاهب- لم يعطِ فقه المقارنة والموازنة حقها، في مناقشة الأدلة النقلية والعقلية، والموازنة العلمية بينها، واختيار الأرجح بعد ذلك على بينة وبصيرة. والجواب عن ذلك: أن الشيخ لم يكتب كتابه للعلماء، بل لجمهور المتعلمين، الذين يحتاجون إلى التسهيل والتيسير، سواء في الشكل أم المضمون، وتوخي طريقة التسهيل والتبسيط، وكل ميسر لما خلق له. وممن انتقد الكتاب المحدث المعروف الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله، وقد ألف في ذلك كتابًا أسماه (تمام المنة بالتعليق على فقه السنة) يتضمن جملة تعقيبات وانتقادات على الكتاب، ونقده يتمثل في أمرين أساسيين: الأول: فيما يتعلق بالحديث الذي يستدل به (فقه السنة) وهو ضعيف في نظر الشيخ، وربما يكون هناك خلل في عزوه إلى من عزاه إليه، أو نحو ذلك، وعذر الشيخ سيد أنه ينقل هذه الأحاديث عن كتب السابقين، ولم يبذل جهدًا في تحقيقها وتمحيصها، عملاً بالقاعدة التي تقول: كل علم يؤخذ مسلم من أهله. والثاني: خلاف في المشرب الفقهي بين الشيخ ناصر والشيخ سيد، فالشيخ ناصر أَمْيل إلى اتباع ظاهر النص، والشيخ سيد أقرب إلى اتباع مقصد النص. والشيخ ناصر لا يبالي بمخالفة جمهور الأئمة المتقدمين، كما في تحريمه الذهب على النساء، والشيخ سيد يحترم غالبًا رأي الجمهور. وقد ظهر هذا في التعليق الطويل الذي علق به الشيخ ناصر على (زكاة عروض التجارة) في فقه السنة، فهو لم يصح عنده الحديث في زكاتها، ولم يأخذ بقول من قال من الصحابة بزكاتها، ولا بقول جمهور التابعين والأئمة الذي هو كالإجماع على وجوب زكاة التجارة، ولم يأخذ بمقاصد الشريعة التي يستحيل أن توجب الزكاة على الزارع الذي تثمر أرضه خمسة أوساق، وربما كان مستأجرًا لهذه الأرض، ولا يوجب على التاجر الذي يملك الملايين شيئًا، إلا أن (تنضّ) أي تسيل بلغة عصرها، ويحول عليها الحول. وقد رددنا على الشيخ ناصر قوله بالأدلة الناصعة في كتابنا (المرجعية العليا للقرآن والسنة).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير