تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد وقفت على كلام جميل فى ها المعنى لابن حبان رحمه الله.

فقال فى ((كتاب الثقات)) (7/ 97 – 98) فى ترجمة: ((عبد الملك ابن أبى سليمان العرزمىّ)) قال: " ربما أخطأ .. وكان عبد الملك من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، والغالبُ على من يحفظ ويحدِّثُ من حفظه أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخٍ ثبت، صحَّت عدالته بأوهام يهم فى روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا تركُ حديث الزهرى، وابن جريج والثورىّ وشعبة، لأنهم أهل حفظٍ وإتقانٍ، وكانوا يحدثون من حفظهم، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا فى الروايات، بل الاحتياطُ والأولى فى مثل هذا قبول ما يروى الثبت من الروايات، وترك ما صحَّ أنه وهم فيها، ما لم يفحش ذلك منه حتى يغلب على صوابه، فإن كان كذلك استحق الترك حينئذ " ا هـ.

· قُلْتُ: وشيخنا أبو عبد الرحمن رجل من بنى آدم، يصيب كما يصيبون ويخطىء كما يخطئون، ولم يدع لنفسه عصمة من مقارفة الزلل، ولا أمنا من مواقعة الخطل، وكتبُهُ شاهدةٌ على ذلك، لا سيما ما جدَّد طبعه فى هذه

الأيام، فقد تراجع عن تصحيح أحاديث بعدما استبانت له علَّتُها، وتراجع عن تضعيف أحاديث، بعد أن وقع لها على طرق أو شواهد، والكلام فى التصحيح والتضعيف أمرٌ اجتهادى، فلا ينبغى أن يشغب على المخطىء فيه. بعد أهليته – إن ثبت أن أصوله التى يعتمد عليها منضبطةٌ.

وسامح الله القائل: إذا كنت خاملاً، فتعلق بعظيم! فقد تعلق كثير من الخاملين الباحثين عن الشهرة بكتب الشيخ الألبانى، وفتشوا فيها رجاء الوقوع على أغلاط له، وظفروا ببعضها، وكانوا محقين فى تعقبها، لكنهم أضافوا إليها أشياءً أخرى عدوُّها غلطاً ووهما من الشيخ، وهم الغالطون عليه، إما لسوء فهمهم وتسرعهم فى فهم كلام الشيخ، وإما لأن الشيخ أجمل الكلام فى هذا الموضوع، فوقع الإشكال وهذا أغلب ما تعقبوا الشيخ به. فذكرنى صنيعهم هذا بما أخرجه الشيخان عن عائشة رضى الله عنها قالت: سأل أناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليسوا بشىءٍ " قالوا: يا رسول الله! فإنهم يحدثون أحيانا الشىء يكون حقا؟ قال: " تلك الكلمة من الحق، يخطفها الجنُّى، فيقرُّها فى أذن وليه قرَّ الدجاجة، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة " ا هـ.

وقد رأيت بعض الناس تدنَّى فى خصومته للشيخ، وزعم أنه وقع له على مئات الأغلاط التى تصل إلى ألوفٍ، ونشر فى ذلك أكثر من كتاب ليس فيها ما يمدح إلاَّ جودةُ طبعها وحُسنُ حرفها، ودأب على أن يكتب نسبه فى أول الكتاب، وأنه شريفٌ هاشمىٌّ، وقصده معروف لأن الشيخ الألبانى أعجمىٌّ، فهو يفخر عليه بنسبه، وهذه نعرةٌ جاهليةٌ أهدرها الإسلام، مع أننا فى زمان قل فيه العناية بالأنساب، ويستطيع كثير من الأدعياء أن ينسب نفسه إلى من يشاء بلا رقيب، ومع هذا، فإن أبا لهب كان أصح منه نساً

وأعرق، وحالُهُ معروفةٌ.

ثم بعد كتابة نسبه يكتب هذا البيت:

خلق الله للمعالى أناسًا وأناسًا لقصعةٍ وثريد

وقصدُهُ معروف أيضا، وهو أنه من أصحاب المعالى، وأن الشيخ لا همَّ له إلا الأكل! وهذا كذبٌ وزورٌ، ولو أردنا أن نعدد رجالَ المعالى لكان الشيخ الالبانى فى طليعتهم، وهو معروفٌ بجده واجتهاده فى طلب العلم، وأذكر هنا مثالا واحدا شافهنى به الشيخٌ حفظه الله، وَزَبَرهُ فى مقدمته لـ "المنتخب من مخطوطات الحديث " يدلَّك على علو كعبه وهمته العالية. يقول الشيخ حفظه الله:

((ولم يكن ليخطر فى بالى، وضع مثل هذا الفهرس، لأنه ليس من اختصاصى، وليس عندى متسع من الوقت ليساعدنى عليه، ولكن الله تبارك وتعالى إذا أراد شيئا هيأ أسبابه ن فقد ابتليت بمرض خفيف أصاب بصرى، منذ أكثر من اثنى عشر عاما، فنصحنى الطبيب الختص بالراحة وترك القراءة والكتابة والعمل فى المهنة (تصليح الساعات) مقدار ستة أشهر. فعملت بنصيحته أول الأمر، فتركت ذلك كله نحو أسبوعين، ثم أخذت نفسى تراودنى، وتزين لى أن أعمل شيئا فى هذه لعطلة المملة، عملا لا ينافى بزعمى نصيحته، فتذكرت رسالة مخطوطة فى المكتبة، اسمها " ذم الملاهى " للحافظ ابن أبى الدنيا، لم تطبع فيما أعلم يومئذ، فقلت: ما المانع من أن أكلف من ينسخها لى؟ وحتى يتم نسخها، ويأتى وقت مقابلتها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير